للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يفتقر الى تعلم علم من غيره فهذا هو المجتهد فهل يجب عليه الاجتهاد أم يجوز له أن يقلد غيره.

هذا مما اختلفوا فيه فذهب قوم الى أن الاجماع قد حصل على أن من وراء الصحابة لا يجوز تقليدهم.

وقال قوم من وراء الصحابة والتابعين وكيف يصح دعوى الاجماع.

وممن قال بتقليد العالم أحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه وسفيان الثورى.

وقال محمد بن الحسن يقلد العالم الاعلم ولا يقلد من هو دونه أو مثله.

وذهب الاكثرون من أهل العراق الى جواز تقليد العالم العالم فيما يفتى وفيما يخصه.

وقال قوم يجوز فيما يخصه دون ما يفتى.

وخصص قوم من جملة ما يخصه ما يفوت وقته لو اشتغل بالاجتهاد.

واختار القاضى منع تقليد العالم للصحابة ولمن بعدهم وهو الاظهر عندنا.

والمسألة ظنية اجتهادية والذى يدل عليه أن تقليد من لا تثبت عصمته ولا يعلم بالحقيقة اصابته بل يجوز خطؤه وتلبيسه حكم شرعى لا يثبت الا بنص أو قياس على منصوص ولا نص ولا منصوص الا العامى والمجتهد اذ للمجتهد أن يأخذ بنظر نفسه وان لم يتحقق وللعامى أن يأخذ بقوله.

أما المجتهد انما يجوز له الحكم بظنه لعجزه عن العلم فالضرورة دعت اليه فى كل مسألة ليس فيها دليل قاطع.

أما العامى فانما جوز له تقليد غيره للعجز عن تحصيل العلم والظن بنفسه والمجتهد غير عاجز فلا يكون فى معنى العاجز فينبغى أن يطلب الحق بنفسه فانه يجوز الخطأ على العالم بوضع الاجتهاد فى غير محله والمبادرة قبل استتمام الاجتهاد والغفلة عن دليل قاطع وهو قادر على معرفة جميع ذلك ليتوصل فى بعضها الى اليقين وفى بعضها الى الظن فكيف يبنى الامر على عماية كالعميان وهو بصير بنفسه.

وجاء فى الفروق للقرافى (١): أن طالب العلم له أحوال.


(١) الفروق للقرافى ج‍ ٢ ص ١٠٧، ١٠٨ الطبعة السابقة.