ثم قال: اذا تعدد المجتهدون واختلفت أقوالهم وكان فيهم الفاضل والمفضول قال ابن الحاجب وغيره يجوز للمستفتى أن يقلد غير الافضل ولا يلزمه أن يتحرى الاكمل فى العلم والورع اذا كانوا جميعا أهل اجتهاد وعدالة اذ قد حصل المصحح فى كل واحد منهم.
وقيل بل يلزمه تحرى الاكمل فى معرفة علوم الاجتهاد ليقوى ظن الصحة لفتواه كالمجتهد يلزمه تحرى أقوى الامارات الدالة على الحكم.
والصحيح جواز تقليد المفضول مع كمال أسباب الاجتهاد والثقة بعدالته وسكون القلب الى فتواه.
والدليل على ذلك أن الافتاء قد اشتهر فى زمن الصحابة من جماعة فيهم الفاضل والمفضول ولم ينكر أحد منهم افتاء المفضول ولم يعنف سائلهم.
ولو كان ذلك غير واسع للناس ما سكت عليه الصحابة رضوان الله عليهم فهو اجماع على جوازه منهم.
وكذلك وقع فى زمن التابعين وتابعيهم الى يومنا هذا ولا نكير من أحد من المسلمين فكان اجماعا من التابعين ومن بعدهم أيضا.
فلا وجه للقول بخلافه.
أما قياس المقلد على المجتهد فى ذلك فممنوع لان المجتهد انما يلزمه النظر فى الادلة والعامى انما يلزمه سؤال العلماء وعلى العالم النظر له فاذا سأل عالما من العلماء كان قد أدى ما شرع فى حقه.
فاذا وجد السائل عالمين أحدهما أعلم والاخر أورع فقد اختلفوا هل الاعلم أولى أم الاورع.
فقيل الاعلم لقوة معرفته مأخذ الحكم.
وقيل الاورع لجده واجتهاده فى توفية الاجتهاد حقه وتوقى التقصير.
والصحيح الاول اذا كملت عدالته لان العدالة تصونه من التقصير فيما يلزمه الوفاء به.
اما اذا انخرمت عدالته فلا يصح تقليده اتفاقا.
فاذا استوى المجتهدون فى العلم والفضل فقيل أن السائل يخير فى الاخذ بأيهما شاء كالمجتهد اذا تساوت معه الدلالات وهو مذهب على بن عزرة والحسن بن أحمد.
وقيل بل يأخذ بالاخف فى حق الله لقوله تعالى «وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ