والخامس: يتخير فيأخذ بقول أيهما شاء.
وهذا هو الاصح عند الشيخ أبى اسحاق الشيرازى المصنف وعند الخطيب البغدادى ونقله المحاملى فى أول المجموع عن أكثر أصحابنا واختاره صاحب الشامل فيما اذا تساوى المفتيان فى نفسه.
وقال الشيخ أبو عمرو: المختار أن عليه أن يبحث عن الارجح فيعمل به فانه حكم التعارض فيبحث عن الاوثق من المفتيين فيعمل بفتواه وان لم يترجح عنده أحدهما استفتى آخر وعمل بفتوى من وافقه فان تعذر ذلك وكان اختلافهما فى التحريم والاباحة وقبل العمل اختار التحريم فانه أحوط.
وان تساويا من كل وجه خيرناه بينهما وان أبينا التخيير فى غيره لانه ضرورة وفى صورة نادرة.
قال الشيخ ثم انما نخاطب بما ذكرناه المفتيين.
وأما العامى الذى وقع له ذلك فحكمه أن يسأل عن ذلك ذينك المفتيين أو مفتيا آخر وقد أرشدنا المفتى الى ما يجيبه به.
وهذا الذى اختاره الشيخ ليس بقوى بل الاظهر أحد الاوجه الثلاثة وهى الثالث والرابع والخامس.
والظاهر أن الخامس أظهرها لانه ليس من أهل الاجتهاد وانما فرضه أن يقلد عالما أهلا لذلك وقد فعل ذلك بأخذه يقول من شاء منهما.
والفرق بينه وبين ما نص عليه فى القبلة أن أمارتها حسية فادراك صوابها أقرب فيظهر التفاوت بين المجتهدين فيها والفتاوى أمارتها معنوية فلا يظهر كبير تفاوت من المجتهدين والله أعلم.
والخامسة: قال الخطيب البغدادى اذا لم يكن فى الموضع الذى هو فيه الا مفت واحد فأفتاه لزمه فتواه.
وقال أبو المظفر السمعانى رحمه الله اذا سمع المستفتى جواب المفتى لم يلزمه العمل به الا بالتزامه قال ويجوز أن يقال أنه يلزمه اذا أخذ فى العمل به وقيل يلزمه اذا وقع فى نفسه صحته قال السمعانى وهذا أولى الاوجه.
قال الشيخ أبو عمرو لم أجد هذا لغيره وقد حكى هو بعد ذلك عن بعض الاصوليين أنه اذا أفتاه بما هو مختلف فيه خيره بين أن يقبل منه أو من غيره ثم اختار هو أنه يلزمه الاجتهاد فى أعيان المفتيين ويلزمه الاخذ بفتيا من اختاره باجتهاده.
قال الشيخ والذى تقتضيه القواعد أن نفصل فنقول اذا أفتاه المفتى نظر فان لم يوجد مفت آخر لزمه الاخذ بفتياه