للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوق النظر والمس فكان احلاله احلالا للمس والنظر من طريق الأولى (١).

وحل الاستمتاع هذا على سبيل الملكية والاختصاص (أى يملك الاستمتاع ويختص به).

فقد ذكر صاحب البدائع أن للزوج ملك المتعة، وهو اختصاص الزوج بمنافع بضعها وسائر أعضائها استمتاعا.

هذا ولا يحل للرجل شئ من ذلك بعد الموت، فلا يحل له المس ولا النظر، لأن النكاح ارتفع بموتها فلا يبقى حل المس والنظر، كما لو طلقها قبل الدخول بخلاف ما اذا مات الزوج، لأن هناك ملك النكاح قائم، لأن الزوج مالك والمرأة مملوكة، والملك لا يزول عن المحل بموت المالك، ويزول بموت المحل كما فى ملك (٢) اليمين

وذكر الكاسانى فى موضع آخر من البدائع أنه يحل للرجل أن ينظر الى نفس فرج المرأة المنكوحة، لأن الاستمتاع به حلال فالنظر اليه أولى، الا أن الأدب غض البصر عنه من الجانبين، لما روى عن سيدتنا عائشة رضى الله عنها

أنها قالت: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نظرت الى مأمنه ولا نظر الى مأمنى.

هذا ولا يحل اتيان المرأة فى دبرها، لأن الله عز شأنه نهى عن قربان الحائض ونبه على المعنى وهو كون المحيض أذى، والأذى فى ذلك المحل أفحش فكان أولى بالتحريم.

وروى عن سيدنا على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من أتى حائضا أو امرأة فى دبرها أو أتى كاهنا فصدقه فيما يقول فهو كافر بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلم».

نهى عن اتيان النساء فى أدبارهن، وعلى ذلك جاءت الآثار من الصحابة الكرام رضى الله تعالى عنهم أنها سميت اللوطية الصغرى، ولأن حل الاستمتاع فى الدنيا لا يثبت لحق قضاء الشهوات خاصة لأن لقضاء الشهوات خاصة دارا أخرى. وانما يثبت لحق قضاء الحاجات، وهى حاجة بقاء النسل الى انقضاء الدنيا، الا أنه ركبت الشهوات فى البشر للبعث على قضاء الحاجات، وحاجة النسل لا تحتمل الوقوع فى الأدبار، فلو ثبت الحل لثبت لحق قضاء الشهوة خاصة، والدنيا لم تخلق له (٣).


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لابى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٢ ص ٣٣١ الطبعة الاولى سنة ١٣٢٧ هـ‍ طبع مطبعة شركة المطبوعات العلمية بمصر.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٣٠٥، ج ٢ ص ٣٣١ نفس الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٥ ص ١١٩ نفس الطبعة المتقدمة.