فى يده وبلغ الغاية فى ذلك وحاز الشئ ضمه وملكه وجمعه كاحتازه.
وهذه المعانى متلاقية لا اختلاف بينها.
والشرعيون يستعملون اللفظين استعمالا واحدا فى وضع اليد على الشئ والظهور عليه مع التمكن منه.
والأموال بالنظر الى ما يكون للاستيلاء فيها من أثر نوعان. أموال مباحة وأموال مملوكة.
فالمباحة هى التى تملك بالاستيلاء عليها فيتشابه الملك فيها ويكتسب امتلاكها به.
أما المملوكة فالاستيلاء عليها وان شئت قلت حيازتها حق لمالكها وأثر من آثار ملكه اياها ولا يكون لغير مالكها الا عن طريقه.
ولما كانت جميع الأموال قد خلقها الله سبحانه وتعالى للناس لينتفعوا بها كانت مباحة لهم - هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا - وكان لهم أن ينتفعوا بها وذلك عن طريق استيلائهم عليها وتمكنهم منها على أوضاع وصور أدت فى كثير من الأحوال الى اختصاصهم بها والاستئثار بمنافعها استئثارا سمى ملكا وامتلاكا وعد المصدر والأساس لوجوه الانتفاع وصوره ومن ثم كان الاستيلاء سببا من أسباب الملك وكان السبب الوحيد لتملك المال المباح وكان الملك الناشئ به مصدر كل ملك وجد بعده.
فالمال المباح قبل الاستيلاء عليه لم يكن ملكا لأحد فاذا استولى عليه أصبح ملكا له ينتقل عنه الى ورثته بعد وفاته أو الى من يملكه اياه بعقد من العقود أو بأى سبب من الأسباب الناقلة للملك وهذا ما اقتضته طبيعة حياتنا الاجتماعية وأقرته الشريعة الاسلامية فيما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد روى أن أسمر بن مغرس قال:
أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبايعته فقال من سبق الى ما لم يسبق اليه أحد فهو له، قال فخرج الناس يتعادون ويتخاطون رواه أبو داود أى يسرعون فى السير ويعملون على الأرض علامات بالخطوط وهى تسمى الخطط واحدتها خطة ليثبتوا سبق أيديهم على ما حازت من الأرض.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم من أحاط حائطا على أرض فهى له رواه أحمد وأبو داود وفى رواية من أحيا أرضا ميتة فهى له رواه أحمد والترمذى وصححه والأرض الميتة هى التى لم تعمر شبهت عمارتها بالحياة وتعطيلها بالموت واذا كان هذا هو حكم العقار فالمنقول به أولى لكمال الحيازة والاستيلاء فيه ولظهور الاستئثار به ظهورا لا يكون فى العقار.