للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وانما يتحقق الاستيلاء ويترتب عليه أثره وهو الملك اذا كان بفعل يؤدى الى التمكن ووضع اليد، فاذا لم يكن فعل لم يتحقق الاستيلاء ولم يثبت ملك.

وعلى هذا لو حظر انسان السمك فى حظيرة فان أمكن بذلك أخذه من غير صيد كان هذا استيلاء وتملكه بهذا الفعل ولذا يجوز له بيعه على هذا الوضع وان لم يمكن أخذه من الحظيرة الا بصيد لم يملكه، لأنه لا يعد مستوليا عليه بوجوده فى الحظيرة على هذا الوضع.

وكذلك الحكم فى سائر المباحات كالطيور اذا باضت أو فرخت فى أرض انسان فانه لا يخرج بذلك عن اباحته ويكون لكل من يسبق الى أخذه سواء فى ذلك صاحب الأرض أو غيره.

ولا يختلف الحكم اذا ما كان صاحب الأرض قد أعد فى أرضه وكرا لذلك فاحتله الطير دون عمل من صاحب الوكر.

ومن الفقهاء المتأخرين من ذهب الى أن اتخاذ الوكر يعد عملا يتحقق به الاستيلاء فاذا حل فيه الصيد صار مملوكا لصاحب الوكر.

ويقول صاحب البدائع أن هذا الرأى غير سديد، لأن هذا لا يعد أخذا والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول فهو لمن أخذه ولأن الملك فى المباح انما يثبت بالاستيلاء عليه واذا أخذه من الوكر انسان غير صاحب الوكر كان هو المستولى عليه دون صاحب الوكر.

وكذلك الحكم فى صيد التجأ الى أرض رجل أو الى داره فلا يعد ذلك استيلاء من صاحب الأرض أو الدار ولذا لو أخذه من الأرض أو الدار انسان كان له ولكن لو رد صاحب الدار عليه الباب بعد التجائه ملكه بذلك ان أمكنه أخذه من غير صيد لتحقق الاستيلاء عليه بفعله مع امكان أخذه.

وكذلك لو نصب شبكة فتعقل بها صيد على وضع ليس له خلاص فيها فانه يكون لناصب الشبكة سواء أكانت ملكا له أم لغيره.

وكذلك من أرسل بازى انسان بغير اذنه على صيد فأخذه أو أغرى كلبا لانسان على صيد فأخذه فانه يكون للمرسل أو المغرى لا لصاحب البازى أو الكلب.

ولكن لو نصب فسطاطا فالتجأ اليه صيد لم يملكه، لأن نصب الفسطاط‍ لم يكن لهذا الغرض بل لغرض آخر فلم يكن نصبه عملا يراد به الاستيلاء بخلاف نصب الشبكة (١).

ولو حفر حفرة فوقع فيها صيد فان كان قد حفرها ليجتمع فيها الماء لم يملكه بوقوعه فيها وكان لمن


(١) البدائع ج ٦ ص ١٩٣، ١٩٤ والخانية ج ٥ ص ٤١٨