للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أخذه منها وان حفرها للاصطياد ملكه بوقوعه فيها (١).

وعلى هذا لو ترك انسان طستا تحت قبة السماء فنزل المطر فملأه لم يحرزه بذلك ولم يملكه ولو وضعه لهذا الغرض أحرزه بذلك وملكه وكان له بيعه ومنعه.

وحاصل القول فى ذلك أن الاستيلاء المفيد للملك نوعان: حقيقى وحكمى.

فالحقيقى يكون بوضع اليد فعلا أو بالقوة كالأشجار المباحة تقطعها والأثمار فيها تجنيها والماء تملأ منه اناءك والصيد تمسكه بيدك فتملك كل ذلك للاستيلاء عليه استيلاء حقيقيا.

وكذلك اذا قصدت الى الشجرة المباحة أو الى ثمرتها أو الى كلأ أو الى صيد قد وقع فى حفرة وحرث قريبا من هؤلاء بحيث لو مددت يدك لأخذت ذلك فانك تملكه لأنك قد استوليت عليه ووضعت يدك عليه بالقوة.

أما الاستيلاء الحكمى: فانه يكون باستعمال الآلات وتهيئة المباح لأن توضع اليد عليه فعلا أو بالقوة كتجمع ماء المطر فى طست على الأرض لذلك أو فى حفرة حفرت لهذا الغرض وكتعلق صيد فى شبكة نصبت أو رمية بمقذوف خرج به عن امتناعه وتأبده.

وترتب الملك على الاستيلاء الحقيقى لا يحتاج الى نية وقصد فهو سبب فعلى لا يشترط‍ فى ترتب أثره على نية التملك ولذا يعتبر من كل من يصدر منه فلو كان غير أهل للالتزام والارادة كالمجنون والصغير الذى لا يميز فاذا تناول أحدهما مالا مباحا تملكه بتناوله لأن النية فى هذا النوع من الاستيلاء ليست شرطا.

أما الاستيلاء الحكمى: فلا تترتب عليه الملكية الا اذا قصد به الاحراز فان لم يقصد به الاحراز لم تترتب عليه ملكيته وذلك كما يرى فى ماء تجمع فى طست ترك تحت قبة السماء لا لهذا الغرض وفى حيوان التجأ الى أرض شخص أو دار انسان كما فى الخيرية.

ورأى (٢) مالك والشافعى (٣) وأحمد (٤) كرأى الحنفية فى الاستيلاء الحقيقى.

وللشافعى وأحمد روايتان فى الاستيلاء الحكمى.

احداهما أنه كالحقيقى.

والأخرى كرأى الحنفية فقد جاء فيما روى عنهما أن الاستيلاء على الصيد ان كان بآلة من الآلات التى تستعمل فى العادة للصيد وتتخذ للاستيلاء عليه ملكه وان كان بما لا يتخذ عادة.


(١) هندية ج ٥ ص ١٤٧
(٢) منح الجليل ج ١ ص ٥٨٥ وما بعدها.
(٣) نهاية المحتاج ج ٨ ص ١١٧ وما بعدها.
(٤) كشاف القناع ج ٤ ص ١٢٨، ١٣٣ وما بعدها.