تعالى، وكما فى القذف فيه ناحية شخصية بسبب المقذوف وايذائه والتشهير به وأخرى اجتماعية بما يترتب على القذف بالزنى من اشاعة الفاحشة فى الذين آمنوا والاستهانة بجريمة الزنى وتهوين أمرها على الناس كما ذهب الى ذلك الحنفية.
على خلاف ما يرى الامام الشافعى رحمه الله تعالى من أن القذف حق العبد خالصا على ما سيأتى - أم لم يكن بجانب ذلك اعتداء شخصى كما فى الزنى والشرب وقطع الطريق. فأن هذه الجرائم الاعتداء فيها على حق الله تعالى أى على حق المجتمع مباشرة.
والأساس فى ذلك هو ملاحظة الجانب الشخصى فى الجريمة بجوار الجانب الاجتماعى وقوة أثر الجريمة فى المجتمع وضعفه.
فاذا كان اثر الجريمة بالنسبة للمجتمع أقوى من أثرها بالنسبة للشخص. فأن العقوبة التى قررها الشارع على هذه الجريمة وقدرها لها تكون حدا وحقا لله تعالى، لأنه الذى أوجد الشرع لحماية الفضيلة فى المجتمع.
وان كان أثرها بالنسبة للشخص أقوى وأوضح. تكون العقوبة المقررة والمقدرة جدا فيه حق للعبد بجواز حق الله تعالى.
وقد قالوا ان الحدود الخالصة لله تعالى وليس للعبد فيها حق هى: جريمة الزنى وشرب الخمر وقطع الطريق لأن الجانب الشخصى غير ملاحظ فيها ففى الزنا الاعتداء الشخصى بين الرجل والمرأة غير واضح بل فيه استمتاع وتلذذ ولكن ثمة اعتداء آخر هو الاعتداء على الأسرة، والاعتداء على النسل، والاعتداء على النظام الاجتماعى الذى نظم الله فيه العلاقة بين الرجل والمرأة وحصر اباحة التلاقى بينهما فى علاقة الزواج المقدسة التى سماها النبى صلّى الله عليه وسلّم - كلمة الله - وفى الشرب يستمتع الشارب بالشرب ولا يعتدى على أحد به، ولكن فيه انتهاك للفضيلة الاسلامية واعتداء على العقل الذى شرف الله به الانسان على غيره. والخصومة ليست بشرط بالاتفاق فى الحدود الخالصة لله تعالى، فلا يتوقف الاثبات فيها على الدعوى، بل الشاهد فيها مدع، وتسمى هذه دعوى الحسبة أو شهادة الحسبة، لأن الاثبات لا بد أن تسبقه الدعوى الا فى هذه الحدود، فان الاثبات يسمع بدون دعوى فيها، فالزنى تسمع فيه الشهادة وتترتب عليها العقوبة وان لم تسبقها دعوى، وتسمى شهادة حسبة، وتقوم مقام الدعوى كما ذكر، وكذلك حد الشرب تكون الشهادة فيه حسبة وتقوم مقام الدعوى.
ولقد قال الكاسانى فى ذلك: لا خلاف فى أن الخصومة لبست بشرط فى حد الزنى