للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجة الامام محمد فى استثناء حد الشرب من قبول الاقرار بالحدود القديمة فلم يقبل الاقرار به اذا تقادم - أن حد الشرب ليس منصوصا عليه فى كتاب الله ولا فى السنة الصحيحة، وانما ثبت باجماع الصحابة رضوان الله عليهم وقد كان اجماعهم فى شارب أتى به وأثر الخمر ما زال فيه.

أما اذا كانت آثار الخمر قد ذهبت ولم يبق فيه أثر لها فقد خالف فى اقامة الحد عليه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وما كان الاجماع لينعقد مع مخالفة هذا الصحابى الجليل. فلم يكن هناك اجماع على ثبوت الحد فى تلك الحالة، وعلى ذلك يكون التقادم مانعا لاقامة الحد فى الشرب سواء أكان طريق ثبوته البينة اتفاقا مع الشيخين فى ذلك أم كان طريق ثبوته الاقرار عملا بما ذكر لأن التقادم يذهب بأثر الشرب كله رائحة وسكرا.

ثم التقادم كما يمنع قبول الشهادة فى الحدود القديمة على النحو المذكور ويسقط‍ الحد فى الابتداء وقبل الحكم بالحد - فأنه يمنع اقامة الحد بالفعل بعد الحكم به - فاذا رفع الأمر فى حد من الحدود الثلاثة الزنى أو الشرب أو السرقة الى الحاكم وثبت عنده بالدليل وحكم الحاكم بالحد ثم تأخر التنفيذ مدة تقادم بها الحكم يسقط‍ الحد بهذا التقادم. وهذا رأى أبى حنيفة والصاحبين أبى يوسف ومحمد.

وقال زفر من الحنفية والأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد أن التقادم لا أثر له مطلقا على الحد ولا يسقط‍ بعد الحكم به.

جاء فى فتح القدير على الهداية للكمال ابن الهمام الحنفى ثم التقادم كما يمنع قبول الشهادة فى الابتداء يمنع الاقامة بعد القضاء عندنا خلافا لزفر حتى لو هرب بعد ما ضرب بعض الحد ثم أخذ بعد ما تقادم الزمان لا يقام عليه الحد. وقول زفر هو قول الأئمة الثلاثة.

واختلف فى تحديد مدة التقادم المؤثر فى سقوط‍ الحد على أقوال.

فعن أبى حنيفة أن الأمر فى تقدير المدة مفوض لرأى الحاكم وفى كل عصر يقدرها بالقدر الذى يراه معتبرا فى تقدير الاعذار ومدى تأثيرها فى المدة لأن الوقائع تختلف والبلدان تختلف أعرافها وأحوالها فكان التقدير متعذرا فيترك التقدير للحاكم.

وقيل أن مدة التقادم ستة أشهر. فقد ذكر الكمال فى الفتح أن محمدا أشار فى الجامع الصغير الى أن التقادم ستة أشهر حيث قال: شهدوا بعد حين وقد جعلوه عند عدم النية ستة أشهر على ما تقدم فى الأيمان.

وقيل انها شهر لأنه فرق ما بين العاجل والآجل فيما لو حلف أن يؤدى دينه عاجلا اذ قالوا: يجب أن يؤديه فى أقل من شهر هذا كله فى الحدود.

أما فى القصاص فقد أجمع الفقهاء على أن الحق فيه للعبد لأولياء المقتول وهو