للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء فى الدر المختار شرح تنوير الأبصار فى فقه الحنفية (١): القضاء مظهر لا مثبت ويتخصص بزمان ومكان وخصومة حتى لو أمر السلطان بعدم سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة فسمعها لم ينفذ ..

قلت فلا تسمع بعدها الا بأمر الا فى الوقف والارث. ووجود عذر شرعى وبه أفتى المفتى أبو السعود.

وجاء فى تعليق ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار على الدر المختار على ذلك ونقل فى الحامدية فتاوى من المذاهب الأربعة بعدم سماع الدعوى بعد النهى المذكور

وأشار الى اختلاف النقل فى استثناء الارث كما ذكر صاحب الدر وعدم استثنائه.

ثم قال: ان عدم سماع الدعوى بعد هذه المدة انما هو لنهى السلطان عن سماعها فيكون القاضى معزولا عن سماعها لأن القضاء يتخصص وسبب النهى قطع الحيل والتزوير فلا ينافى ما فى الأشباه من أن الحق لا يسقط‍ بتقادم الزمان.

ولذلك قالوا أنه يجب على السلطان الذى نهى قضاته عن سماع الدعوى بعد هذه المدة أن يسمعها بنفسه أو يأمر بسماعها لئلا يضيع حق المدعى

والظاهر أن هذا حيث لم يظهر من المدعى امارة التزوير وعدم سماع القاضى

الدعوى فى هذه الحالة انما هو عند انكار الخصم للحق فلو اعترف به تسمع الدعوى كما يعلم من فتوى المولى أبى السعود اذ لا تزوير مع الاقرار ولا يكون عدم السماع الا حيث يتحقق ترك صاحب الحق الدعوى به هذه المدة فلو ادعى اثناءها لا يمنع بل تسمع دعواه ثانيا، ما لم يكن بين الدعوى الأولى والثانية هذه المدة.

والدعوى لا تكون الا فى مجلس القضاء أما مجرد المطالبة خارج مجلس القضاء فلا يعد دعوى ولا يقطع التقادم.

ولا تبدأ المدة التى تمنع من سماع الدعوى ألا بعد ثبوت حق الطلب، فلو مات زوج المرأة أو طلقها بعد عشرين سنة من وقت الزواج فلها طلب مؤخر الصداق لأن حق طلبه انما يثبت لها بعد الموت أو الطلاق لا من وقت الزواج، ولو أخر دعوى الحق على المدين المعسر خمس عشرة سنة ثم أيسر وثبت يساره يكون له الحق فى الادعاء عليه لأن حق الطلب انما يثبت من وقت اليسار.

ونظير ذلك ما لو ادعى زيد على عمرو بدار فى يده فقال له عمرو كنت اشتريتها منك من عشرين سنة وهى فى ملكى الى الآن وكذبه زيد فى الشراء فتسمع دعوى عمرو الشراء من زيد وتقبل بينته على ذلك بعد مدة


(١) الدر المختار شرح تنوير الابصار وحاشية ابن عابدين عليه ج ٤ ص ٣٥٦ من كتاب القضاء الطبعة السابقة.