للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهيتمى (١): سئل رحمه الله عن امرأة بيدها مستند شرعى مضمونه أن فلانة الفلانية اشترت من أختها فلانة الفلانية بيتا بيعا مطلقا بثمن كذا وكذا وقبضت البائعة الثمن باعترافها وحكم حاكم شافعى بالتبايع المذكور. ومؤرخ التبايع والحكم بعام سنة عشرين وتسعمائة (٩٢٠) والشاهد لم يكتب فى المستند معرفته للبائعة ولا عرفه بها أحد.

والحالة أن البائعة منكرة للبيع المذكور وأنها لم تقبض الثمن المذكور وأنها لم تكن أختا لها كما كتب فى المستند.

ثم أن البائعة جاءت عند حاكم شرعى مخالف للحاكم المثبت وادعت على المشترية المذكورة أنها واضعة يدها على بيتها بمقتضى أنها جعلته تحت يدها فى مبلغ اثنى عشر أشرفيا هو ومستندات شرعية تشهد لها بذلك فأجابت بأنها صار اليها ذلك بالشراء الشرعى منها كما ذكر أعلاه وأننى تقايلت واياك التبايع الصادر منك كما ذكر. فهل تسمع دعواها الآن بأنها لم تبع ولم تقبض الثمن؟ وهل حكم الحاكم الشافعى يمنعها من الدعوى بذلك وهل طول المدة مع تصرفها فى البيت بالهدم والبناء مسقط‍ للطلب أيضا أم لا وهل للحاكم المدعى لديه الزام المشترية بحضور البينة ثانيا لتشهد فى وجه البائعة بالمعرفة والبيع وبقبض الثمن أم لا؟ فأجاب: نفع الله تعالى بعلومه بقوله: لا تسمع دعواها الآن

بأنها لم تبع حيث ثبت عند الحاكم وليس للحاكم المدعى لديه الزام المشترية بحضور البينة ثانيا لتشهد فى وجه البائعة بالمعرفة لأن من لازم حكم الحاكم بصحة البيع استيفاء مسوغاته الشرعية ومنها أن الشهادة لا تكون الا على عينها أو باسمها ونسبها ولا نظر لطول المدة المذكورة ولا لقصرها وأما دعواها أنها لم تقبض الثمن فان كانت الشهادة عليها بطريق المعاينة لم تسمع دعواها وان كانت بطريق الشهادة على اقرارها سمعت دعواها أنها لم تقر الا على رسم القيالة فتحلف المشترية أنها أقبضتها الثمن فان نكلت حلفت البائعة أنها لم تقبض واستحقت الثمن. والله أعلم.

وظاهر مما ذكر - أن طول المدة وقصرها لا دخل له مطلقا فى سماع الدعوى وعدم سماعها عند الشافعية.

وقد جاء فى مستهل ما نقلناه من تعليق العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار على ما ذكره صاحب الدر المختار فى شأن النهى السلطانى عن سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة - أن صاحب الفتاوى الحامدية - نقل فتاوى من المذاهب الأربعة بعدم سماع الدعوى بعد نهى السلطان عن سماعها بعد مضى خمس عشرة سنة مما يدل على أن عدم السماع فى هذه الحالة ليس محل خلاف بين الأئمة رضوان الله عليهم.


(١) الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمى ج ٤ ص ٣٧٤ وما بعدها.