حق مجرد والحقوق المجردة لا يجوز الاعتياض عنها كما هو ظاهر من عبارة البحر.
ويرى المالكية والشافعية والحنابلة والإباضية والظاهرية أن هذا الحق لا يتجزأ.
والأصل عدم التجزئ عند الزيدية ألا أن يرضى المشترى بذلك فيجوز ولا يجوز الاعتياض عنه عندهم.
وصرح الإمامية بجواز الاعتياض عنه.
وفى الابراء وهو اسقاط للحق يقبل التجزئة بالاتفاق اذا كان الحق مما يتجزأ كالدين والصلح فيه ابراء عن بعض الحق واستيفاء للبعض الآخر وليس معاوضة.
وقال الزيدية أنه يجوز أن يكون الابراء فى مقابلة عوض آخر مال أو غيره واذا تعذر العوض - فللمبرئ الحق فى الرجوع فى الابراء على تفصيل فى ذلك.
وفى اسقاط حق الحضانة لا يقبل التجزئة بالاتفاق ويجوز أن يقابل بالعوض عند المالكية.
هذه هى آراء الفقهاء فى المذاهب المختلفة فى تجزى الاسقاط وعدم تجزئه وفى الاعتياض عنه وعدم الاعتياض فى الفروع والمسائل التى تناولتها النصوص بيناها فى اجمال واختصار.
ويظهر منها أن المذاهب كلها متفقة على أن الاسقاط يقبل التجزؤ فى بعض المسائل ولا يقبله فى بعضها وأنه يجوز الاعتياض عن الاسقاط فى بعض المسائل ولا يجوز ذلك فى بعضها.
وقد قلنا أن معنى تجزؤ الاسقاط تجزؤ المحل الذى يجرى فيه فى قبول حكمه وأثره.
فمعنى تجزؤ الطلاق أن محله وهو المرأة لا يقبل التجزؤ فى قبول حكم الطلاق وأثره اذ لا يمكن أن يكون بعض المرأة طالقا وبعضها غير طالق. وأن يكون بعضها حلالا للزوج المطلق وبعضها حراما عليه .. ومعنى تجزؤ الاعتاق عند من يقول به تجزؤ محله وهو العبد فى قبول أثره وحكمه وهو الحرية اذ يمكن أن يكون بعض العبد حرا وبعضه رقيقا عند هؤلاء الفقهاء وقلنا أنه لا يوجد ضابط ولا أساس يحدد ما يجرى فيه التجزؤ من مسائل الاسقاط وما لا يجرى فيه وأن المرجع فى ذلك الى كل محل بخصوصه وكذلك الأمر فى الاعتياض عن الاسقاط. وان كان بعض فقهاء الحنفية قد حاول أن يضع لذلك ضابطا على ما سبقت الاشارة اليه.
تم الجزء الثامن ويليه ان شاء الله تعالى الجزء التاسع مبدوءا ببحث اسكان