بالنفقة اذا لم يكفها الزوج، وللحاجة الشرعية كالاستفتاء ونحوه، الا أن يفتيها الزوج أو يسأل لها، لا لعيادة مريض وان كان أباها، ولا لموته وشهود جنازته، قاله الحموى فى شرح التنبيه، واستدل له بأن امرأة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عيادة أبيها وكان زوجها غائبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اتقى الله سبحانه وتعالى، وأطيعى زوجك، فلم تخرج، وجاء جبريل فأخبر النبى صلّى الله عليه وسلّم أن الله عز وجل قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها.
وجاء فى الفتاوى (١) الكبرى: أن المرأة المزوجة اذا لم يسكنها الزوج فى بيته بل كانت ساكنة هى وهو فى بيتها أو فى بيت أبيها أو فى بيت أحدهما فان للأصحاب فى ذلك عبارتين.
احداهما: يلزمها أن تلازم بيت الزوج.
والثانية يلزمها أن تلازم بيت سكنها.
وبهذه الثانية يتبين أن من عبر ببيت الزوج أو منزله انما يريد ماله عليه ولاية الاسكان لكونه مالكه أو مستأجره أو مستعيره أو نحو ذلك.
ومما يصرح بذلك قولهم لو كان المنزل لغير الزوج، فأزعجت منه لم يكن ذلك نشوزا فتأمل قولهم لغير الزوج.
واشتراطهم فى عدم سقوط نفقتها بالخروج منه أن تزعج منه، بأن يخرجها منه مالكه، بدليل تعبير آخرين بأن من الأعذار ازعاج المالك، فعلم أنه لا يشترط كونه ملك الزوج وأنها اذا خرجت من سكنها المملوك لغير الزوج فاذا كان ذلك لاخراج مالكه لها منه لم تسقط نفقتها والا سقطت ووقع فى قوت الأذرعى ان من الأعذار أن يكون لغيره فتخرج منه ومراده بدليل عبارة الباقين خروجها منه لاخراج مالكه ونحوه وأما خروجها منه لغير ذلك ونحوه فنشوز بدليل قول الأذرعى نفسه بعد تلك الصورة وصور أخر وغير ذلك مما يعد الخروج به عذرا فبان بهذا أن قوله أو يكون لغيره فتخرج منه محمول على ما اذا عذرت بالخروج منه وبحث فيه أنها لو جرت على مقتضى العرف المعتاد فى حقها وحق أمثالها بالخروج فى حوائجها لتعود عن قرب أو لحمام ونحوه فليس بنشوز للعرف فى رضا أمثاله به.
وفيما بحثه نظر ظاهر.
أما أولا فلأنه منابذ لاطلاقهم سقوط النفقة بالخروج بلا اذنه بأنها فى قبضته وبأن له عليها حق الحبس فى مقابلة وجوب النفقة.
وأما ثانيا فلأن العرف هنا غير مطرد، لأن رضا الزوج بخروج زوجته وعدمه يرجع الى ما عنده من الأنفة والغيرة، ولا
(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٢٠٨، ص ٢٠٩ الطبعة السابقة.