للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، لكنه يكره صحبتها لكبر أو مرض أو نحوه ويعرض عنها فلا شئ عليه.

ويسن لها أن تستعطفه بما يحب كأن تسترضيه بترك بعض حقها كما تركت سودة نوبتها لعائشة رضى الله عنها، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقسم لها يومها ويوم سودة، كما أنه يسن اذا كرهت صحبته لما ذكر أن يستعطفها بما تحب من زيادة نفقة ونحوها.

وان قال كل من الزوجين: ان صاحبه يتعدى عليه (١)، وأشكل الأمر بينهما تعرف القاضى الحال الواقع بينهما بثقة واحد بخبرهما، ويكون الثقة جارا لهما فان لم يتيسر أسكنهما فى جنب ثقة يتعرف حالهما ثم ينهى اليه ما يعرفه واكتفى هنا بثقة واحد تنزيلا لذلك منزلة الرواية لما فى اقامة البينة عليه من العسر.

وظاهر هذا أنه لا يشترط‍ فى الثقة ان يكون عدل شهادة بل يكفى عدل الرواية ولهذا قال الزركشى والظاهر من كلامهم اعتبار من تسكن النفس بخبره لأنه من باب الخبر لا الشهادة واذا تبين له حالهما منع الظالم منهما من عوده لظلمه وطريقه فى الزوج ما سلف وفى الزوجة بالزجر والتأديب كغيرها فان اشتد الشقاق بعث القاضى حكما من أهله وحكما من أهلها لينظر فى أمرها بعد اختلاء حكمه به وحكمها بها ومعرفة ما عندهما فى ذلك ولا يخفى حكم عن حكم شيئا اذا اجتمعا ويصلحا بينهما أو يفرقا بطلقة ان عسر الاصلاح على ما يأتى لقول الله تعالى «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما} .. الآية» (٢) «والخطاب فيها للحكام وقيل للأولياء والبعث واجب كما صححه فى زيادة الروضة وجزم به الماوردى وان صحح فى المهمات الاستحباب لنقل البحر له عن نص الشافعى.

وقال الأذرعى بل ظاهر نص الأم الوجوب وأما كونهما من أهلهما فمستحب غير مستحق اجماعا كما فى النهاية لأن القرابة لا تشترط‍ فى الحاكم ولا فى الوكيل.

وجاء فى الفتاوى الكبرى أنه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها بغير اذن للضرورة كخوف هدم وعدو وحريق وغرق وللحاجة (٣) للتكسب


(١) مغنى المحتاج للشربينى الخطيب ج ٣ ص ٢٤٣، ٢٤٤.
(٢) الآية رقم ٣٥ من سورة النساء.
(٣) الفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر السبكى الهيثمى وبهامشه باقى فتاوى العلامة الرملى ج ٤ ص ٢٠٥ طبع مطبعة عبد الحميد أحمد حنفى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.