للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليه مسكن مثلها سقط‍ حقها من القسم لنشوزها، وان أقام عند واحدة من زوجاته ودعا الباقيات الى بيتها لم يجب عليهن الاجابة، لما بينهن من الغيرة والاجتماع يزيدها.

وان حبس الزوج فاستدعى كل واحدة من زوجاته فى الحبس فى ليلتها فعليهن طاعته ان كان الحبس مسكن مثلهن ولا مفسدة كما لو لم يكن محبوسا، والا أى وان لم يكن الحبس مسكن مثلهن لم يلزمهن طاعته، كما لو دعاهن الى غير الحبس الى ما ليس مسكنا لمثلهن، فان أطعنه فى الاتيان الى الحبس سواء كان مسكن مثلهن أو لا لم يكن له أن يترك العدل بينهن لأنه جور ولاستدعاء بعضهن دون البعض لما فيه من ترك التسوية بلا عذر كما فى غير الحبس.

وفيه أيضا (١) أن أعسر الزوج بالسكنى خيرت المرأة على التراخى بين الفسخ من غير انتظار. أى تأجيل ثلاثا، خلافا لابن البناء وبين المقام معه على النكاح، وهذا قول عمر وعلى وأبى هريرة لقوله تعالى «فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ ٢ بِإِحْسانٍ» وليس الامساك مع ترك الانفاق والسكنى امساكا بمعروف فتعين التسريح. وان اختارت المقام فلها تمكينه وتكون النفقة أى نفقة الفقير والكسوة والمسكن دينا فى ذمته ما لم تمنع نفسها لأن ذلك واجب على الزوج فاذا رضيت بتأخير حقها فهو فى ذمته كما لو رضيت بتأخير مهرها، ولها المقام على النكاح ومنعه من نفسها فلا يلزمها تمكينه ولا الاقامة فى منزله، وعليه أن لا يحبسها بل يدعها تكتسب ولو كانت موسرة، لأنه لم يسلم اليها عوض الاستمتاع.

وجاء فى موضع (٣) آخر: ان ادعى كل من الزوجين ظلم صاحبه أسكنهما الحاكم الى جانب ثقة يشرف عليهما ويكشف حالهما كما يكشف عن عدالة وافلاس من خبرة باطنة ويلزمهما الانصاف، لأن ذلك طريق الى الانصاف فتعين بالحكم كالحق ويكون الاسكان المذكور قبل بعث الحكمين لأنه أسهل منه.

وفيه أيضا (٤): وان شرطت المرأة على زوجها أن يسكن بها حيث شاءت أو حيث شاء أبوها أو حيث شاء غيره من قريب أو أجنبى بطل الشرط‍، لأنه ينافى مقتضى العقد ويتضمن اسقاط‍ حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده فلم يصح كما لو أسقط‍ الشفيع شفعته قبل البيع وصح العقد لأن هذه الشروط‍ تعود الى معنى زائد فى العقد


(١) كشاف القناع وبهامشه منتهى الإرادات ج ٣ ص ٣١٠ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٣) كشاف القناع لابن أدريس الحنبلى ج ٣ ص ١٢٥ الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل ج ٣ ص ٢٥١ الطبعة السابقة.
(٤) كشاف القناع ج ٣ ص ٥٧ الطبعة السابقة والاقناع ج ٣ ص ١٩٣ الطبعة السابقة.