للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاختيار فانها لا تخرج ليلا ولا نهارا سواء كان الطلاق ثلاثا أو بائنا أو رجعيا، أما فى الطلاق الرجعى فلقوله تعالى «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» وقوله تعالى «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ» والأمر بالاسكان نهى عن الاخراج.

وأما المتوفى عنها زوجها فلا تخرج ليلا ولا بأس بأن تخرج نهارا فى حوائجها، لأنها تحتاج الى الخروج نهارا لاكتساب ما تنفقه لأنه لا نفقة لها من الزوج المتوفى، ولا تخرج بالليل لعدم الحاجة الى الخروج بالليل بخلاف المطلقة فان نفقتها على الزوج فلا تحتاج الى الخروج حتى لو اختلعت بنفقة عدتها فقال بعض مشايخنا يباح لها الخروج بالنهار للاكتساب لأنها بمعنى المتوفى عنها زوجها.

وبعضهم قالوا: لا يباح لها الخروج لأنها هى التى أبطلت النفقة باختيارها، والنفقة حق لها فتعذر على ابطاله، فأما لزوم البيت فحق عليها فلا تملك ابطاله.

واذا خرجت بالنهار فى حوائجها لا تبيت بعيدا عن منزلها التى تعتد فيه، والأصل فيه ما روى أن فريعة أخت أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه لما قتل زوجها أتت النبى صلّى الله عليه وسلّم فأستأذنته فى الانتقال الى بنى خدرة فقال لها: امكثى فى بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله فأفادنا الحديث حكمين، اباحة الخروج بالنهار وحرمة الانتقال.

وروى عن محمد أنه قال: لا بأس أن تنام بعيدا عن بيتها أقل من نصف الليل، لأن البيتوتة فى العرف عبارة عن السكنى فى البيت أكثر الليل فما دونه لا يسمى بيتوتة، ومنزلها الذى تؤمر بالسكون فيه للاعتداد:

هو الموضع الذى كانت تسكنه قبل مفارقة زوجها وقبل موته سواء كان الزوج ساكنا فيه أو لم يكن، لأن الله تعالى أضاف البيت اليها بقوله عز وجل «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ»،} والبيت المضاف اليها هو الذى تسكنه، ولهذا قال أصحابنا: أنها اذا زارت أهلها فطلقها زوجها كان عليها أن تعود الى منزلها الذى كانت تسكن فيه فتعتد ثمة لأن ذلك هو الموضع الذى يضاف اليها وان كانت هى فى غيره، هذا كله فى حالة الاختيار.

أما فى حالة الضرورة فان اضطرت الى الخروج من بيتها بأن خافت سقوط‍ منزلها أو خافت على متاعها، أو كان المنزل بأجرة ولا تجد ما تؤديه فى أجرته فى عدة الوفاة، فلا بأس عند ذلك أن تنتقل وان كانت تقدر على الأجرة لم تنتقل وان كان المنزل ملكا لزوجها وقد مات عنها فلها أن تسكن فى نصيبها ان كان نصيبها من ذلك ما تكتفى به فى السكنى وتستتر عن سائر الورثة ممن ليس بمحرم لها وان كان نصيبها لا يكفيها أو خافت على متاعها منهم فلا بأس أن تنتقل.

وانما كان كذلك لأن السكنى وجبت بطريق العبادة حقا لله تعالى عليها، والعبادات تسقط‍