بالأعذار، وقد روى أن عائشة رضى الله عنها نقلت أختها أم كلثوم بنت أبى بكر رضى الله عنه لما قتل طلحة رضى الله تعالى عنه ونقل على رضى الله عنه أم كلثوم رضى الله عنها لما قتل عمر رضى الله عنه، لأنها كانت فى دار الاجارة فدل ذلك على جواز الانتقال للعذر واذا كانت تقدر على أجرة البيت فى عدة الوفاة فلا عذر فلا تسقط عنها العبادة، واذا انتقلت لعذر يكون سكناها فى البيت الذى انتقلت اليه كما لو كانت فى المنزل الذى انتقلت منه فى حرمة الخروج عنه، لأن الانتقال من البيت الأول اليه كان لعذر فصار المنزل الذى انتقلت اليه كأنه منزلها من الأصل فلزمها المقام فيه حتى تنقضى العدة.
وكذا ليس للمعتدة من طلاق ثلاث أو بائن أن تخرج من منزلها الذى تعتد فيه الى سفر اذا كانت معتدة من نكاح صحيح ولا يجوز للزوج أن يسافر بها أيضا لقول الله تعالى:«لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ».
وكذا المعتدة من طلاق رجعى ليس لها أن تخرج الى سفر، سواء كان سفر حج فريضة أو غير ذلك لا مع زوجها ولا مع محرم حتى تنقضى عدتها أو يراجعها لعموم قوله تعالى:«لا تُخْرِجُوهُنَّ.}.
الآية ولأن المقام فى منزلها واجب لا يمكن تداركه بعد انقضاء العدة وسفر الحج واجب يمكن تداركه بعد انقضاء العدة، لأن جميع العمر وقته.
وليس لزوجها أن يسافر بها عند أصحابنا الثلاثة لقوله تعالى «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» فقد نهى الأزواج عن الاخراج والنساء عن الخروج وقال زفر له ذلك.
واذا خرج (١) الزوج مع زوجته مسافرا فطلقها فى بعض الطريق، أو مات عنها، فان كان بينها وبين مصرها الذى خرجت منه أقل من ثلاثة أيام وبينها وبين مقصدها ثلاثة أيام فصاعدا رجعت الى مصرها، لأنها لو مضت لاحتاجت الى انشاء سفر وهى معتدة، ولو رجعت ما احتاجت الى ذلك فكان الرجوع أولى، كما اذا طلقت فى المصر وهى خارج بيتها فانها تعود الى بيتها، كذا هنا، وان كان بينها وبين مصرها ثلاثة أيام فصاعدا وبينها وبين مقصدها أقل من ثلاثة أيام، فانها تمضى، لأنه ليس فى المضى انشاء سفر، وفى الرجوع انشاء سفر، والمعتدة ممنوعة عن السفر، وسواء كان الطلاق فى موضع لا يصلح للاقامة كالمفازة ونحوها، أو فى موضع يصلح لها كالمصر ونحوها، وان كان بينها وبين مصرها ثلاثة أيام وبينها وبين مقصدها ثلاثة أيام فصاعدا، فان كان الطلاق فى المفازة أو فى موضع لا يصلح للاقامة بأن خافت على نفسها أو متاعها فهى
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٣ ص ٢٠٧ الطبعة السابقة.