للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى المهذب (١): أنها ان طلقت وهى فى مسكن لها لزمها أن تعتد به لأنه مسكن وجبت فيه العدة، ولها أن تطالب الزوج بأجرة المسكن، لأن سكناها عليه فى العدة.

وان مات الزوج وهى فى العدة قدمت على الورثة، لأنها استحقتها فى حال الحياة فلم تسقط‍ بالموت، كما لو أجر داره ثم مات، فان أراد الورثة قسمة الدار لم يكن لهم ذلك، لأن فيها اضرارا بها فى التضييق عليها، وان أرادوا التمييز بأن يعلموا عليها بخطوط‍ من غير نقض ولا بناء فان قلنا ان القسمة تمييز الحقين جاز، لأنه لا ضرر عليها، وان قلنا انها بيع فعلى ما بيناه.

وذكر (٢) صاحب نهاية المحتاج: أنها ان كانت معتدة عن وفاة ففى وجوب اسكانها قولان.

قيل: لا سكنى لها كما أنه لا نفقة لها.

وقيل: بل تجب السكنى لها حيث وجدت تركة، وتقدم على الديون المرسلة فى الذمة فى الأظهر، لأمر النبى صلّى الله عليه وسلم فريعة - بضم الفاء - بنت مالك أخت أبى سعيد الخدرى لما قتل زوجها أن تمكث فى بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشرا، صححه الترمذى وغيره، ولأن السكنى لصيانة مائه، وهى موجودة بعد الوفاة كالحياة والنفقة لسلطنته عليها وقد انقطعت، وبأن النفقة حقها فسقطت الى الميراث، والسكنى حق الله تعالى فلم تسقط‍.

ومحل الخلاف كما حكاه فى المطلب عن الأصحاب ما لم يطلقها قبل الوفاة رجعيا والا لم تسقط‍ قطعا، لأنها استحقتها بالطلاق فلم تسقط‍ بالموت، لكن حكى الجرجانى طرد القولين فيها ويوافقه اطلاق الكتاب هنا.

ويجب لمعتدة فسخ بعيب أو ردة أو اسلام أو رضاع أيضا على المذهب، لأنها معتدة عن نكاح صحيح بفرقة فى الحياة فأشبهت المطلقة تحصينا للماء والطريق الثانى على قولين كالمعتدة عن وفاة وتجب السكنى للملاعنة كما نقل فى الروضة عن البغوى القطع به.

وفى المهذب (٣): أما سكنى الملاعن منها بعد الدخول ففيها وجهان.

أحدهما: أنها تجب، لأنها معتدة عن فرقة فى حال الحياة، فوجب لها السكنى كالمطلقة.

والثانى: لا تجب لها السكنى، لما روى ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى ألا تثبت لها


(١) المهذب للامام أبى اسحاق ابراهيم على بن يوسف الفيروزابادى وبهامشه النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب ج ٢ ص ١٤٧ طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر دار أحياء الكتب العربية.
(٢) نهاية المحتاج للرملى ج ٧ ص ١٤٥، ص ١٤٦ الطبعة السابقة.
(٣) المهذب للشيرازى ج ٢ ص ١٦٥ الطبعة السابقة.