وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة فى مال الولد.
ويجب عليه أيضا نفقة ولده وان سفل لقول الله تبارك وتعالى «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ١ بِالْمَعْرُوفِ» ولأن الانسان يجب عليه أن ينفق على نفسه وزوجته، فكذا على بعضه وأصله أو بعضها أى لو وحد والده أو ولده بعض النفقة وعجزوا عن اتمامها وجب عليه اكمالها، لما سبق حتى ذوى الأرحام منهم أى من والديه وان علوا وولده وان سفلوا ولو حجبه معسر كجد موسر مع أب معسر وكابن معسر وابن ابن موسر فتجب النفقة على الموسر فى المثالين، ولا أثر لكونه محجوبا، لأن بينهما قرابة قوية توجب العتق ورد الشهادة فأشبه القريب.
وتجب النفقة لمن ذكر بالمعروف أى بحسب ما يليق بهم من حلال لا من حرام اذا كانوا أى الاصول والفروع فقراء، فان كانوا أغنياء لم يجب عليه نفقتهم.
وله أى المنفق ما ينفق عليهم فاضلا عن نفسه وامرأته ورقيقه يومه وليلته وعن كسوتهم وسكناهم من ماله وأجرة ملكه ونحوه كتجارته أو من كسبه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» ولأنها مواساة فلا تجب على المحتاج كالبر.
ولا يجب الانفاق على من ذكر من أصل البضاعة التى يتجر بها ولا من ثمن الملك وآلة العمل، لحصول الضرر بذلك لفوات ما يتحصل منه قوته وقوت زوجته ونحوها.
ويجبر قادر على التكسب من عمودى النسب، ولا تجب نفقته اذن، لأن كسبه الذى يستغنى به كالمال.
ويلزمه أيضا نفقة كل من يرثه بفرض أو تعصيب ممن سواه أى سوى عمودى النسب سواء ورثه الآخر كأخيه أو لا كعمته وبنت أخيه ونحوه كبنت عمه، لقول الله تعالى «وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ» أوجب النفقة على الأب، ثم عطف الوارث عليه، وذلك يقتضى الاشتراك فى الوجوب.
فأما ذوو الأرحام وهم من ليس بذى فرض ولا عصبة من غير عمودى النسب فلا نفقة لهم ولا عليهم، لعدم النص فيهم، ولأن قرابتهم ضعيفة، وانما يأخذون ماله فهم كسائر المسلمين فى أن المال يصرف إليهم إذا لم يكن للميت وارث بدليل تقديم الرد عليهم.
واختار الشيخ تقى الدين الوجوب، لأنه من صلة الرحم وهو عام ويتلخص لوجوب الانفاق على القريب ثلاثة شروط.
أحدها: أن يكون المنفق عليهم فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن