للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اذا جازت الحوالة والكفالة فان قبض المسلم اليه رأس مال السلم من المحال عليه أو الكفيل أو من رب السلم فقد تم العقد بينهما اذا كانا فى المجلس سواء بقى الحويل والكفيل، أو افترقا بعد أن كان العاقدان فى المجلس، وان افترق العاقدان بأنفسهما قبل القبض بطل السلم وبطلت الحوالة والكفالة، وان بقى المحال عليه والكفيل فى المجلس فالعبرة لبقاء العاقدين وافتراقهما، لا لبقاء الحويل والكفيل وافتراقهما، لأن القبض من حقوق العقد، وقيام العقد بالعاقدين فكان المعتبر مجلسهما.

وأما الرهن برأس مال السلم فان هلك الرهن فى المجلس وقيمته مثل رأس المال أو أكثر فقد تم العقد بينهما، لأنه حصل مستوفيا لرأس المال، لأن قبض الراهن قبض استيفاء، لأنه قبض مضمون وقد تقرر الضمان بالهلاك وعلى الراهن مثله من جنسه فى المالية فيتقاصان فحصل الافتراق عن قبض رأس المال فتم عقد السلم، وان كانت قيمته أقل من رأس المال تم العقد بقدره ويبطل فى الباقى، لأنه استوفى من رأس المال بقدره، وان لم يهلك الرهن حتى افترقا بطل السلم لحصول الافتراق لا عن قبض رأس المال، وعليه رد الرهن على صاحبه (١).

وذكر الحصكفى أنه يجب ملاحظة علتى الربا - وهما القدر المتفق والجنس - فى رأس مال السلم والمسلم فيه فاذا شمل البدلين فى السلم احدى علتى الربا هاتين لم يصح السلم، لأن حرمة النساء تتحقق به (٢).

وأما الذى يرجع الى المسلم فيه من شروط‍ صحة العقد فأنواع أيضا.

منها: أن يكون معلوم الجنس، كقولنا: حنطة أو شعير أو تمر.

ومنها: أن يكون معلوم النوع كقولنا حنطة سقية أو نحسية أو تمر برنى أو فارسى، هذا اذا كان مما يختلف نوعه، فان كان مما لا يختلف فلا يشترط‍ بيان النوع.

ومنها - أن يكون معلوم الصفة كقولنا.

جيد أو وسط‍ أو ردئ (٣).

وفى ذلك روى الزيلعى أن صاحبى أبى حنيفة قالا يجوز السلم فى اللحم أن بين جنسه ونوعه وسنه وموضعه وصفته وقدره كشاة خصى ثنى سمين من الجنب أو من الفخذ مائة رطل، لأنه موزون مضبوط‍ بالوصف ولهذا يضمن بالمثل عند الاتلاف، بخلاف لحم الطيور فانه لا يقدر على وصف موضع منه ولا بمنع جواز السلم فى اللحم أن اللحم


(١) بدائع الصنائع ج ٥ ص ٢٠٢ وما بعدها الى ص ٢٠٧.
(٢) الدر المختار للحصكفى ج‍ ٢ ص ٢٧٠.
(٣) بدائع الصنائع ج‍ ٥ ص ٢٠٧.