للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يصح السلم فى الحيوان لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن السلم فى الحيوان. ولأنه تتفاوت آحاده تفاوتا فاحشا بحيث لا يمكن ضبطه. ألا ترى أن العبدين يستويان فى الجنس والسن وتتفاوت قيمتهما لاختلاف المعانى الباطنة كالكياسة وحسن الخلق والخلق والسيرة والفصاحة والأمانة والشدة. ومثل ذلك سائر الحيوان فانه يختلف اختلافا يؤدى الى اختلاف المالية. ومن ثم فلا يجوز السلم فيه.

أما ما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم استقرض بكرا ورد رباعيا فالمراد به أنه عليه الصلاة والسّلام استعجل فى الصدقة ثم لم تجب الزكاة على صاحبها فردها رباعيا، أو استقرض لبيت المال، لأنه يجوز أن يثبت حق مجهول على بيت المال كما يجب له حق مجهول.

وأما ما روى من أنه صلّى الله عليه وسلم اشترى بعيرا ببعيرين الى أجل فقد كان ذلك قبل نزول آية الربا، لأن الجنس بانفراده يحرم النساء أو ان ذلك كان منه صلّى الله عليه وسلّم فى دار الحرب، اذ لا يجرى الربا بين المسلم والحربى فى دار الحرب. وعدم صحة السلم فى الحيوان تتناول جميع أنواع الحيوانات حتى العصافير، لأن النص لم يفصل (١).

وحكى الزيلعى الخلاف بين الحنفية فى أطراف الحيوان مثل الرأس والاكارع.

هل يصح السلم فيها أو لا يصح؟.

قيل: ان أبا حنيفة يرى أنه لا يصح السلم فيها، للتفاوت الفاحش وعدم الضابط‍.

وأن صاحبيه يريان الصحة فيها كما يصح فى اللحم.

وقيل: انهم جميعا متفقون على أنه لا يصح (٢).

ولا يصح السلم فى الجلود عددا كما لا يصح فى الورق، للتفاوت الفاحش فيهما.

أما ان بين فيهما ضربا معلوما وطولا معلوما وعرضا معلوما وصفة معلومة من الجودة والرداءة فحينئذ يجوز السلم فيهما لامكان ضبطهما. ويصح السلم فيهما كذلك بالوزن اذا كانا يباعان وزنا (٣).

ولا يصح السلم فى الحطب حزما - ولا فى الرطبة جوزا، لأنه مجهول، لا يعرف طوله ولا غلظه، أما ان أمكن تحديد ذلك فيه بأن بين فى العقد الحبل الذى يشد به الحطب والرطبة، وبين كذلك طوله وضبط‍ ذلك بحيث لا يؤدى الى النزاع صح السلم فيه (٤).


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ١١٢.
(٢) المرجع السابق ص ٤ ج‍ ١١٢.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ١١٢.
(٤) المرجع السابق.