للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الشروط‍ التى ترجع الى المسلم فيه أن يكون معلوم القدر بكيل أو وزن أو ذرع يؤمن عليه فقده عن أيدى الناس، فان كان لا يؤمن فالسلم فاسد بأن أعلم قدره بمكيال لا يعرف عياره بأن قال بهذا الحجر ولا يعلم كم وزنه أو بخشبة بحجر لا يعرف عياره، بأن قال:

بهذا الحجر ولا يعلم كم وزنه أو بخشبة لا يعرف قدرها، بأن قال بهذه الخشبة ولا يعرف مقدارها أو بذراع يده، وذلك لأن تسليم المسلم فيه لا يجب عقيب العقد كبيع العين: وانما يجب بعد محل الأجل فيحتمل أن يهلك الاناء قبل محل الأجل وهذا الاحتمال ان لم يكن غالبا فليس بنادر أيضا. واذا هلك يصير المسلم فيه مجهول القدر.

ومنها أن يكون مما يمكن أن يضبط‍ قدره وصفته بالوصف على وجه لا يبقى بعد الوصف الا تفاوت يسير فان كان مما لا يمكن ويبقى بعد الوصف، تفاوت فاحش لا يجوز السلم فيه لأنه اذا لم يمكن ضبط‍ قدره وصفته بالوصف يبقى مجهول القدر أو الوصف جهالة فاحشة مفضية الى المنازعة وأنها مفسدة للعقد (١).

فيصح السلم فى المكيل والموزون المثمن أما غير المثمن مثل الدراهم والدنانير فلا يصح السلم فيهما لانهما أثمان وليسا بمثمن حتى لو أسلم فيهما لا يصح سلما لان السلم تعجيل الثمن وتأجيل المبيع. ولو جاز السلم فيه لانعكس الوضع وأصبح السلم تعجيل المبيع وتأجيل الثمن. فاذا كان مثل ذلك لا يقع سلما ففى حكمه ذكر الزيلعى رأيين:

أحدهما أنه يكون عقدا باطلا عند عيسى بن أبان.

وثانيهما أنه يكون بيعا بثمن مؤجل تحصيلا لمقصود المتعاقدين بحسب الامكان اذ العبرة فى العقود للمعانى ونسب ذلك الرأى الى الاعمش، ثم صحح قول عيسى بحجة أن المعقود عليه فى السلم هو المسلم فيه وانما يصح العقد فى محل أوجبا العقد فيه. وذلك غير ممكن ولا وجه الى تصحيحه فى محل آخر لانهما لم يوجبا العقد فيه وهذا الخلاف فيما اذا أسلم فيهما غير الاثمان.

وأما اذا أسلم الاثمان فيهما كالدراهم فى الدنانير أو بالعكس فلا يجوز مثل هذا السلم بالاجماع لما عرف أن القدر بانفراده يحرم النساء (٢).

ولا يصح السلم فى الجوهر ولا فى الخرز، لأن آحادها تتفاوت تفاوتا فاحشا. أما صغار اللؤلؤ التى تباع وزنا فانه يصح السلم فيها بالوزن، لانه مما يباع بالوزن فأمكن معرفة قدره به (٣).


(١) بدائع الصنائع ج‍ ٥ ص ٢٠٧ وما بعدها الى ص ٢١١.
(٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لفخر الدين الزيلعى طبعة مطبعة بولاق سنة ١٣١٣ هـ‍ ج ٤ ص ١١١.
(٣) المرجع السابق ج ٤ ص ١١٢، ص ١١٣.