للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك اختلفت الرواية فى غير الحيوان مما لا يكال أو يوزن أو يوقف عليه بحد معلوم لا يختلف كالزرع، فأما الرمان والبيض فلا أرى أن السلم يصح فيه.

وذكر صاحب المغنى أن اسماعيل ابن سعيد وابن منصور نقلا جواز السلم فى الفواكه والسفرجل والرمان والموز والخضروات ونحوها، لأن كثيرا من ذلك مما يتقارب وينضبط‍ بالصغر والكبر ثم ان ما لا يتقارب من ذلك كالبقول ونحوها ينضبط‍ بالوزن فيصح السلم فيه كالمزروع (١).

وحكى ابن المنذر عن اسحاق أنه لا خير فى السلم فى الرمان والسفرجل والبطيخ والقتاء والخيار، لأنه لا يكال ولا يوزن، ومنه الصغير والكبير فعلى هذه الرواية لا يصح السلم فى كل معدود مختلف كالذى سميناه وكالبقول، لأنه يختلف ولا يمكن تقدير البقل بالحزم، لأن الحزم يمكن فى الصغير والكبير فلم يصح السلم فيه كالجواهر (٢).

وفى الرؤوس والأطراف والجلود مثل ما ذكر من الخلاف فى صحة السلم وعدم صحته فى الحيوان على ما ذكر ابن قدامه (٣).

الشرط‍ الثانى: أن يضبطه بصفاته التى يختلف الثمن بها ظاهرا فان المسلم فيه عوض فى الذمة فلا بد من كونه معلوما بالوصف كالثمن. ولأن العلم شرط‍ فى المبيع. وطريق العلم أما الرؤية وأما الوصف. والرؤية ممتنعة ههنا فيتعين الوصف.

والأوصاف على ضربين متفق على اشتراطها ومختلف فيها.

فالمتفق عليها ثلاثة أوصاف: الجنس والنوع والجوده والرداءة، فهذه لا بد منها فى كل مسلم فيه، ولا نعلم بين أهل العلم خلافا فى اشتراطها.

والضرب الثانى ما يختلف الثمن باختلافه مما عدا هذه الثلاثة الأوصاف وهذه تختلف باختلاف المسلم فيه، ونذكرها عند ذكره لأنه يبقى من الأوصاف من اللون والبلد ونحوهما ما يختلف الثمن والغرض لاجله فوجب ذكره كالنوع.

ولا يجب استقصاء كل الصفات لأن ذلك يتعذر وقد ينتهى الحال فيها الى أمر يتعذر تسليم المسلم فيه. اذ يبعد وجود المسلم فيه عند المحل بتلك الصفات كلها فيجب الاكتفاء بالأوصاف الظاهرة التى يختلف الثمن بها ظاهرا.

ولو استقصى الصفات حتى انتهى الى حال يندر وجود المسلم فيه بتلك الأوصاف بطل السلم، لأن من شرط‍ السلم أن يكون المسلم فيه عام الوجود عند المحل واستقصاء الصفات يمنع منه. ولو شرط‍ الأجود لم يصح أيضا، لأنه لا يقدر على الأجود، وأن


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٣١٥.
(٢) المغنى لابن قدامة ج ٤ ص ٣١٥ الطبعة المتقدمة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٣١٥ وما بعدها نفس الطبعة.