للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهر كلام الخرقى أنه لا يشترط‍، لأنه ذكر شرائط‍ السلم ولم يذكره (١).

الشرط‍ الثانى المختلف فيه: تعيين مكان الايفاء. قال القاضى: ليس بشرط‍، وحكاه ابن المنذر عن أحمد واسحاق وطائفة من أهل الحديث، لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم: «من أسلم فليسلم فى كيل معلوم أو وزن معلوم الى أجل معلوم» ولم يذكر مكان الايفاء، فدل على أنه لا يشترط‍.

وفى الحديث الذى فيه أن اليهودى أسلم إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: «أما من حائط‍ بنى فلان فلا ولكن كيل مسمى الى أجل مسمى» ولم يذكر مكان الايفاء ولأنه عقد معاوضة فلا يشترط‍ فيه ذكر مكان الايفاء كبيوع الاعيان.

وقال الثورى: يشترط‍ ذكر مكان الايفاء، لأن القبض يجب بحلوله. ولا يعلم موضعه حينئذ فيجب شرطه لئلا يكون مجهولا.

وقال ابن أبى موسى: ان كانا فى برية لزم أن يذكر مكان الايفاء وان لم يكونا فى برية فذكر مكان الايفاء حسن، وان لم يذكراه كان الايفاء فى مكان العقد، لأنه متى كانا فى برية لم يمكن التسليم فى مكان العقد فاذا ترك ذكره كان مجهولا، وان لم يكونا فى برية اقتضى العقد التسليم فى مكانه فاكتفى بذلك عن ذكره، فان ذكره كان تأكيدا فكان حسنا فان شرط‍ الايفاء فى مكان سواه صح، لأنه عقد بيع فصح شرط‍ ذكر الايفاء فى غير مكانه كبيوع الاعيان، ولأنه شرط‍ ذكر مكان الايفاء فصح كما لو ذكره فى مكان العقد.

وذكر ابن أبى موسى رواية أخرى تقول بأنه لا يصح، لأنه شرط‍ خلاف ما اقتضاه العقد، لأن العقد يقتضى الايفاء فى مكانه.

وقال القاضى وأبو الخطاب: متى ذكر مكان الايفاء ففيه روايتان سواء شرطه فى مكان العقد أو فى غيره، لأن فيه غررا، لأنه ربما تعذر تسليمه فى ذلك المكان فأشبه تعيين المكيال واختاره أبو بكر وهذا لا يصح فان فى تعيين المكان غرضا ومصلحة لهما فأشبه تعيين الزمان وما ذكروه من احتمال تعذر التسليم فيه يبطل بتعيين الزمان، ثم لا يخلو اما أن يكون مقتضى العقد التسليم فى مكانه فاذا شرطه فقد شرط‍ مقتضى العقد، أو لا يكون ذلك مقتضى العقد فيتعين ذكر مكان الايفاء نفيا للجهالة عنه وقطعا للتنازع فالغرر فى تركه لا فى ذكره، وفارق تعيين المكيال فانه لا حاجة اليه، ويفوت به علم المقدار المشترط‍ لصحة العقد، ويفضى الى التنازع وفى مسألتنا لا يفوت به شرط‍ ويقطع التنازع فالمعنى المانع من التقدير بمكيال بعينه مجهول هو المقتضى لشرط‍ مكان الايفاء فكيف يصح قياسهم عليه (٢)؟


(١) المغنى لابن قدامة ج ٤ ص ٣٣٧.
(٢) المغنى والشرح الكبير لابن قدامة ج ٤ ص ٣٣٩ وما بعدها الى ص ٣٤١.