ووجه ظاهر الرواية أن يد المودع يده تقديرا فكان الاستيلاء عليه بالأسر استيلاء على ما فى يده تقديرا ولا يختص به الغانمون لأنه مال لم يؤخذ على سبيل القهر والغلبة حقيقة فكان فيئا حقيقة لا غنيمة فيوضع موضع الفئ.
وأما الرهن فعند أبى يوسف يكون للمرتهن بدينه والزيادة له.
وعند محمد رحمه الله يباع فيستوفى قدر دينه والزيادة فى جماعة المسلمين.
وان رجع المستأمن (١) الى دار الحرب وله وديعة عند مسلم أو ذمى أو دين فان أسر أو ظهر عليهم سقط دينه وصارت وديعته فيئا وان قتل ولم يظهر أو مات فقرضه ووديعته لورثته لأنه اذا رجع الى دار الحرب فان أمانه بطل فى حق نفسه فقط وأما فى حق أمواله التى فى دارنا فباق ولهذا يرد عليه ماله وعلى ورثته من بعده.
وفى السراج: لو بعث من يأخذ الوديعة والقرض وجب التسليم اليه.
وحاصل المسألة خمسة أوجه ففى ثلاثة يسقط دينه وتصير وديعته غنيمة.
الأول أن يظهروا على الدار ويأخذوه.
والثانى أن يظهروا ويقتلوه.
الثالث أن يأخذوه مسبيا من غير ظهور.
وانما صارت وديعته غنيمة لأنها فى يده تقديرا لأن يد المودع كيده فيصير فيئا تبعا لنفسه، وانما سقط الدين لأن اثبات اليد عليه بواسطة المطالبة، وقد سقطت، ويد من عليه أسبق من يد العامة فتختص به فيسقط.
وينبغى أن تكون العين المغصوبة منه كدينه لعدم المطالبة وليست يد الغاصب كيده.
وقالوا: والرهن للمرتهن بدينه عند أبى يوسف.
وعند محمد يباع ويستوفى دينه والزيادة فئ للمسلمين وينبغى ترجيحه لأن ما زاد على قدر الدين فى حكم الوديعة وهى فئ.
أما الوجهان الآخران فيبقى ماله على حاله فيأخذه ان كان حيا أو ورثته ان مات.
فالأول من الوجهين: أن يظهروا على الدار فيهرب.
والثانى أن يقتلوه ولم يظهروا على الدار أو يموت لأن نفسه لم تصر مغنومة فكذلك ماله.
وماله وان كان غنيمة لا خمس فيه وانما يصرف كما يصرف الخراج والجزية، لأنه مأخوذ بقوة المسلمين من غير قتال، بخلاف الغنيمة.
(١) البحر الرائق ج ٥ ص ١١١.