للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأثرم، فأما ما أدركه بعد أن قسم ففيه روايتان.

احداهما: أن صاحبه أحق به بالثمن الذى حسب به على من أخذه وكذلك أن بيع ثم قسم ثمنه فهو أحق به بالثمن.

والثانية: عن أحمد أنه اذا قسم فلا حق له فيه بحال نص عليه فى رواية أبى داود وغيره، لما روى أن عمر رضى الله عنه كتب الى السائب أيما رجل من المسلمين أصاب رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به من غيره، وان أصابه فى أيدى التجار بعد ما اقتسم فلا سبيل له اليه.

ثم قال وان أخذه أحد الرعية بهبة أو سرقة أو بغير شئ فصاحبه أحق به بغير شئ، لما روى أن قوما أغاروا على سرح النبى صلّى الله عليه وسلم فأخذوا ناقته وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أياما ثم خرجت فى بعض الليل قالت فما وضعت يدى على ناقة الا رغت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها، ثم توجهت الى المدينة ونذرت أن نجانى الله عليها أن أنحرها فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة فاذا هى ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذها فقلت يا رسول الله انى نذرت أن أنحرها فقال «بئس ما جازيتها لا نذر فى معصية».

فأما ان اشتراه رجل من العدو فليس لصاحبه أخذه الا بثمنه.

لما روى سعيد عن الشعبى قال أغار أهل ماه وأهل جلولاء على العرب فأصابوا سبايا من سبايا العرب ورقيقا ومتاعا.

ثم ان السائب بن الأقرع عامل عمر غزاهم ففتح ماه فكتب الى عمر فى سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم قد اشتراه التجار من أهل ماه فكتب اليه عمر أن المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يخذله فأيما رجل من المسلمين أصاب رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به، وان أصابه فى أيدى التجار بعد ما انقسم فلا سبيل اليه.

وجاء فى موضع آخر (١): اذا سبى المشركون من يؤدى الينا الجزية ثم قدر عليهم ردوا الى ما كانوا عليه ولم يسترقوا وما أخذه العدو منهم من مال أو رقيق رد اليهم اذا علم به قبل أن يقسم ويفادى بهم بعد أن يفادى بالمسلمين.

وجملة ذلك أن أهل الحرب اذا استولوا على أهل ذمتنا فسبوهم وأخذوا أموالهم ثم قدر عليهم وجب ردهم الى ذمتهم ولم يجز استرقاقهم فى قول عامة أهل العلم، لأن ذمتهم باقية ولم يوجد منهم ما يوجب نقضها، وحكم أموالهم


(١) المرجع السابق ج ١٠ ص ٤٩٧، ٤٩٨.