للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهر ذلك أنه لا ينعقد بالاشارة بالرأس، ويدل عليه ما فى الحاوى من أنه لو باع فضولى مال غيره فبلغه فسكت متأملا فقال ثالث: هل أذنت لى فى الاجازة؟ فقال نعم فأجازه فان بيعه ينفذ، أما لو حرك رأسه - بنعم فلا ينفذ لأن تحريك الرأس فى حق الناطق لا يعتبر، لكن قد يقال: اذا قال له، بعنى كذا بكذا فأشار برأسه أن نعم، فقال الآخر: اشتريت وحصل التسليم بالتراضى فانه يكون بيعا بالتعاطى بخلاف ما اذا لم يحصل التسليم من أحد الجانبين كما فى بيع التعاطى أنه لا بد من وجوده ولو من أحدهما.

وفى الأشباه والنظائر لابن نجيم من أحكام الاشارة: وان لم يكن معتقل اللسان لم تعتبر اشارته الا فى أربع هى: الكفر والاسلام والنسب والافتاء (١).

وحكى ابن عابدين عن حاوى الزاهدى أنه لو باع شخص حنطة قدرا معلوما ولم يعينها لا بالاشارة ولا بالوصف فانه لا يصح وذلك لأن المراد بمعرفة القدر والوصف ما ينفى الجهالة الفاحشة وذلك بما يخصص المبيع عن أنظاره وذلك بالاشارة اليه لو كان حاضرا فى مجلس العقد. والا فبيان مقداره مع بيان وصفه.

هذا واذا كان الثمن من غير النقود كالحنطة كان لا بد من بيان قدرها ووصفها مثل كر حنطة بحيرية أو صعيدية كما أفاده الكمال وحققه النهر وذلك لأن المشار اليه فيهما لا يحتاج الى معرفة قدره ووصفه (٢).

وجاء فى تبيين الحقائق للزيلعى:

أنه لا بد من معرفة قدر ووصف ثمن مبيع غير مشار اليه، لأن جهالتهما تفضى الى النزاع المانع من التسليم والتسلم فيخلو العقد عن الفائدة وكل جهالة تفضى الى هذا النزاع يكون مفسدا.

هذا ولا يحتاج الى معرفة القدر والوصف فى المشار اليه من الثمن أو المبيع لأن الاشارة أبلغ أسباب التعريف وجهالة وصفه وقدره بعد ذلك لا تفضى الى المنازعة فلا يمنع الجواز لأن العوضين حاضران.

هذا وشرط‍ فى جواز بيع الجزاف أن يكون مميزا مشارا اليه ولو كاله بعد ذلك ورضى المشترى به جاز، لأنه صار مميزا مشارا اليه وان باعه بعد ذلك قبل أن يعيد الكيل جاز لأنه اشتراه مجازفة فكان المستحق هو المشار اليه.


(١) حاشية ابن عابدين ج ٤ ص ٩ الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣٢٥ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٢٣ الطبعة المتقدمة.