للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ومن باع صبرة كل صاع بدرهم صح فى صاع عند أبى حنيفة.

أما صاحباه فقالا يجوز فى الكل لان المبيع معلوم بالاشارة لأن المشار اليه لا يحتاج الى معرفة مقداره لجواز البيع وجهالة الثمن بايديهما رفعهما فيجوز كما لو باع عبدا من عبدين على أن يأخذ أيهما شاء بخلاف ما اذا آجر داره كل شهر بدرهم حيث لا يجوز الا فى شهر واحد، لأن الشهور لا نهاية لها فلا يمكن ازالة الجهالة فيها فيصرف الى الأقل (١).

واذا كان المبيع مختلف الجنس فان العقد يتعلق بالمسمى اذا اختلف فيه المسمى والمشار اليه لأن التسمية أبلغ فى التعريف من الاشارة لأن الاشارة لتعريف الذات، فانه اذا قال هذا صار الذات معينا ولا يشاركه فيه غيره والتسمية لاعلام الماهية وهو أمر زائد على أصل الذات فكان أبلغ فى التعريف.

ويحتاج فى مقام التعريف الى ما هو أبلغ فيه فكانت الاشارة أولى بالاعتبار فى متحدى الجنس لأن المسمى موجود فى المشار اليه ذاتا والوصف يتبعه فأمكن الجمع بينهما بأن تجعل الاشارة للتعريف، والتسمية للترغيب فيثبت له الخيار عند فوات الوصف المرغوب فيه بخلاف مختلفى الجنس لان المسمى فيه مثل المشار اليه وليس بتابع له فلا يمكن أى يجعل أحدهما تبعا للآخر فيعتبر الأعرف عند تعذر الجمع بينهما، وهذا هو الأصل فى العقود كلها (٢).

وجاء فى بدائع الصنائع: أنه اذا كان البيع سلما فانه لا يكفى الاشارة الى رأس ماله وانما يشترط‍ بيان جنسه ونوعه وصفته وقدره، هذا اذا كان رأس المال مما يتعلق العقد بقدره من المكيلات والموزونات والمعدودات المتقاربة وهذا قول الامام أبى حنيفة وسفيان الثورى رحمهما الله تعالى.

وقال أبو يوسف ومحمد: ان هذا ليس بشرط‍ والتعيين بالاشارة كاف لأن الحاجة الى تعيين رأس المال وذلك حصل بالاشارة اليه فلا حاجة الى اعلام قدره.

أما اذا كان رأس المال مما لا يتعلق العقد بقدره من الذرعيات والعدديات المتفاوتة فانه لا يشترط‍ أعلام قدره ويكتفى فيه بالاشارة بالاجماع وكذا أعلام قدر الثمن فى بيع العين ليس بشرط‍ والاشارة كافية بالاجماع.


(١) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى الطبعة الأولى طبع المطبعة الأميرية ببولاق سنة ١٣١٤ هـ‍ ج ٤ ص ٤، ص ٥.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٥٣ الطبعة السابقة.