للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأصل فيه أن الخبرين اذا تعارضا تساقطا، ويبقى ما كان ثابتا قبل الخبر على ما كان ففى الماء قبل الخبر الثابت اباحة شربه وطهارته.

فلما تعارض الدليلان تساقطا، فبقى ما كان من الاباحة والطهارة.

ولكن ذكر الامام جلال الدين الخبازى فى حاشية الهداية تفصيلا حسنا فى مسألة الماء تسكن اليه النفس ويميل اليه القلب.

فقال: فان قيل اذا أخبر عدل بنجاسة الماء وأخبر عدل آخر بطهارته لم لا يصير الماء مشكوكا مع وقوع التعارض بين الخبرين؟

قلنا: لا تعارض ثمة لأنه أمكن ترجيح أحدهما، فان المخبر عن الطهارة لو استقصى فى ذلك بأن قال: أخذت هذا الماء من النهر وسددت فم هذا الاناء ولم يخالطه شئ أصلا رجحنا خبره، لتأيده بالأصلى.

وان بنى خبره على الاستصحاب وقال:

كان طاهرا فيبقى كذلك رجحنا خبر النجاسة، لأنه أخبر عن محسوس مشاهد وأنه راجح على الاستصحاب.

قال صاحب البحر: والذى ظهر لى أنه يحمل كلام المشايخ على ما اذا لم يبين مستند أخباره، فاذا لم يبين يعمل بالأصل وهو الطهارة، وان بين فالعبرة بهذا التفصيل.

وروى صاحب البدائع (١) عن أبى حنيفة أنه لو بال رجل فى الماء الجارى وهناك رجل أسفل منه يتوضأ به فانه لا بأس به.

وهذا لأن الماء الجارى مما لا يخلص بعضه الى بعض فالماء الذى يتوضأ به يحتمل أنه نجس، ويحتمل أنه طاهر، والماء طاهر فى الأصل، فلا نحكم بنجاسته بالشك.

وان وقعت نجاسة فى الماء وكانت مرئية كالجيفة ونحوها، وكان الماء يجرى عليها النصف، أو دون النصف، فالقياس أن يجوز التوضؤ به، وفى الاستحسان لا يجوز احتياطا.

ثم قال (٢) أما اذا تنجست البئر فغار ماؤها وجف أسفلها، ثم عاودها الماء.

فقال محمد بن سلمة: هو نجس.

ووجهه أن ما نبع يحتمل أنه ماء جديد ويحتمل أنه الماء النجس فلا يحكم بطهارته بالشك.


(١) كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ١ ص ٧١ الطبعة الاولى سنة ١٣٢٧ طبع مطبعة المطبوعات العلمية بمصر.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٧٣ الطبعة السابقة.