قال شيخ الاسلام خواهر زاده فى مبسوطه: وهذا لا يقوى، لأن لحمه حرام بلا أشكال، لأنه اجتمع المحرم والمبيح فغلب المحرم على المبيح.
كما لو أخبر عدل بأن هذا اللحم ذبيحة مجوسى، وأخبر الآخر أنه ذبيحة مسلم، لا يحل أكله، لغلبة الحرمة، فكان لحمه حراما بلا اشكال، ولعابه مولد منه، فيكون نجسا بلا أشكال.
وقيل سبب الاشكال اختلاف الصحابة.
فانه روى عن ابن عمر أنه كان يكره التوضؤ بسؤر البغل.
وعن ابن عباس أنه قال: الحمار يعلف القت والتبن فسؤره طاهر
قال شيخ الاسلام: وهذا لا يقوى أيضا، لأن الاختلاف فى طهارة الماء ونجاسته لا يوجب الاشكال، كما فى اناء أخبر عدل أنه طاهر، وأخبر آخر أنه نجس، فالماء لا يصير مشكلا، وقد استوى الخبران، وبقى العبرة للأصل، فكذا هاهنا.
ولكن الأصح فى التمسك أن دليل الشك هو التردد فى الضرورة، فان الحمار يربط فى الدور والأفنية فيشرب من الأوانى.
وللضرورة أثر فى اسقاط النجاسة، كما فى الهرة والفأرة، الا أن الضرورة فى الحمار دون الضرورة فيهما، لدخولهما مضايق البيت، بخلاف الحمار.
ولو لم تكن الضرورة ثابتة أصلا كما فى الكلب والسباع لوجب الحكم بالنجاسة بلا أشكال.
ولو كانت الضرورة مثل الضرورة فيهما لوجب الحكم باسقاط النجاسة.
فلما ثبتت الضرورة من وجه دون وجه واستوى ما يوجب الطهارة والنجاسة تساقطا للتعارض، فوجب المصير الى الأصل.
والأصل هاهنا شيئان: الطهارة فى جانب الماء، والنجاسة فى جانب اللعاب، لأن لعابه نجس كما بينا، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فبقى الأمر مشكلا، لأنه نجس من وجه، وطاهر من وجه، فكان الاشكال عند علمائنا بهذا الطريق، لا للاشكال فى لحمه، ولا لاختلاف الصحابة فى سؤره.
وبهذا التقرير يندفع كثير من الأسئلة.
منها: أن المحرم والمبيح اذا اجتمعا يغلب المحرم احتياطا.