ومقتضى العلة أنه يمتنع ذلك عند القدرة على ماء طاهر بيقين، لفقد الضرورة وليس كذلك لأنهم لما لم يوجبوا عليه سلوك الطريق المحصلة للجزم فكذلك لا يجب عليه استعمال الطهور بيقين اذا قدر عليه وان كان محصلا للجزم على أنه يمكن الجزم بالنية كأن يأخذ بكفه من أحدهما وبالأخرى من الآخر ويغسل بهما خديه معا ناويا ثم يعكس ثم يتم وضوءه بأحدهما ثم بالآخر ويلزمه حيث لم يقدر على طهور بيقين التطهر بكل منهما.
ولو زادت قيمة ماء الورد على قيمة ماء الطهارة خلافا لابن المقرى فى روضه.
ويفرق بينه وبين لزوم تكميل الناقص به ان لم تزد قيمته على ثمن ماء الطهارة بأن الخلط ثم يذهب ماليته بالكلية من حيث كونه ماء ورد وهنا استعماله منفردا لا يذهبها بالكلية لامكان تحصيل غسالته وهذا أولى الفروق كما أوضحته فى شرح العباب.
ثم ما تقدم من منع الاجتهاد فى ماء الورد محله بالنسبة للتطهير أما بالنسبة لشربه فيجوز كما قاله الماوردى وله التطهير بالآخر للحكم عليه بأنه ماء والفرق بينه وبين الطهر أنه يستدعى الطهورية وهما مختلفان والشرب يستدعى الطاهرية وهما طاهران.
وذكر (١) صاحب المهذب أنه ان اشتبه عليه ماءان طاهر ونجس ولما اجتهد فيهما لم يغلب على ظنه شئ أراقهما، أو صب أحدهما فى الآخر ويتيمم فان تيمم وصلى قبل الاراقة أو الصب أعاد الصلاة لأنه تيمم ومعه ماء طاهر بيقين.
وان غلب على ظنه طهارة أحدهما توضأ به.
والمستحب أن يريق الآخر حتى لا يتغير اجتهاده بعد ذلك.
فان تيقن أن الذى توضأ به كان نجسا غسل ما أصابه منه وأعاد الصلاة لأنه تعين له يقين الخطأ فهو كالحاكم اذا أخطأ النص.
وان لم يتيقن ولكن تغير اجتهاده فظن أن الذى توضأ به كان نجسا قال أبو العباس يتوضأ بالثانى، كما لو صلى الى جهة بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده.
والمنصوص فى حرملة أنه لا يتوضأ بالثانى لأنا لو قلنا أنه يتوضأ به ولم يغسل ما أصابه الماء الأول من ثيابه وبدنه أمرناه أن يصلى وعلى بدنه نجاسة بيقين وهذا لا يجوز.
(١) المهذب للشيرازى ج ١ ص ٩ وما بعدها الطبعة السابقة.