كمن كان بمكة ولا حائل بينه وبين الكعبة ولكن كان فى ظلمة، أو كان أعمى، أو حال بينه وبينها حائل حادث غير محتاج اليه وكما لو وجد الحاكم النص والأصح الجواز.
وحمل قائله الحديث على الاستحباب والأعمى كبصير فى الأظهر لتمكنه من الوقوف على المقصود بالشم والذوق والسمع واللمس.
ويفارق ما سيأتى فى القبلة بأن أدلتها بصرية بخلاف الأدلة هنا.
نعم لو فقد الأعمى تلك الحواس امتنع عليه الاجتهاد كما قال الأذرعى أنه يجب الجزم به وهو حسن.
والثانى: لا يجتهد لفقد البصر الذى هو عمدة الاجتهاد بل يقلد.
وما تقرر من جواز الذوق هو ما قاله الجمهور منهم القاضى والماوردى والبغوى والخوارزمى وهو المعتمد.
وما نقله فى المجموع عن صاحب البيان من منع الذوق لاحتمال النجاسة ممنوع، اذ محل منع ذوقها عند تحققها ويحصل بذوقها وهنا لم نتحققها.
فان تحير الأعمى قلد بصيرا أو أعمى أقوى ادراكا منه فيما يظهر.
فان لم يجد من يقلده أو وجده فتحير تيمم، أو اشتبه عليه ماء وبول أى معا لطهارة أو نحوه انقطعت رائحته لم يجتهد فيهما على الصحيح، لأن الاجتهاد يقوى ما فى النفس من الطهارة الأصلية والبول لا أصل له فى الطهارة فامتنع العمل به سواء أكان أعمى أم بصيرا.
والثانى: يجتهد كالماءين وفرق الأول بما تقدم.
والمراد بقولهم له أصل فى التطهير عدم استحالته عن خلقته الأصلية كالمتنجس والمستعمل فانهما لم يستحيلا عن أصل خلقتهما الى حقيقة أخرى بخلاف نحو البول وماء الورد فان كلا منهما قد استحال الى حقيقة أخرى بل يخلطان أو يراقان أو يراق من أحدهما فى الآخر. ونبه بالخلط على بقية أنواع التلف فلا اعتراض عليه ثم يتيمم ويصلى بلا اعادة.
ولو اشتبه عليه (١) ماء وماء ورد انقطعت رائحته توضأ بكل منهما مرة ولا يجتهد فيهما
وانما جاز له التوضؤ بكل منهما لتيقن استعمال الطهور ويعذر فى تردده فى النية للضرورة كمن نسى صلاة من الخمس
(١) نهاية المحتاج الى شرح ألفاظ المنهاج للرملى ج ١ ص ٨٠، ص ٨١، ص ٨٢ الطبعة السابقة.