وعبارة الباجى ما صلى قبل تلك النومة هو فيها شاك، وهذا الشك انما طرأ بعد اكمال الصلاة وبراءة الذمة منها. فيه قولان.
أحدهما: أنه غير مؤثر فيها، كما لو سلم من الصلاة ثم شك هل أحدث بعد طهارته فلا شئ عليه، لأنه شك طرأ بعد تيقن سلامة العبادة.
والثانى: ان الشك يؤثر فيعيد من أول نومة وفى التمهيد نهى عن صوم يوم الشك اطراحا لأعمال الشك.
وهذا أصل عظيم من الفقه أن لا يدع الانسان ما هو عليه من الحال المتيقنة الا بيقين فى انتقالها.
وذكر فى الفروق فى الفرق الرابع والأربعين الفرق بين الشك فى السبب والشك فى الشرط وقد أشكل على جمع من الفضلاء قال: شرع الشارع الأحكام وشرع لها أسبابا وجعل من جملة ما شرعه من الأسباب الشك وهو ثلاثة.
مجمع على اعتباره كمن شك فى الشاة المذكاة والميتة وكمن شك فى الأجنبية وأخته من الرضاعة.
ومجمع على الغائه كمن شك هل طلق أم لا وهل سها فى صلاته أم لا فالشك هنا لغو.
وقسم ثالث اختلف العلماء فى نصبه سببا كمن شك هل أحدث أم لا اعتبره مالك دون الشافعى وكمن حلف يمينا وشك ما هى ومن شك هل طلق واحدة أو ثلاثا.
وقال فى الفرق العاشر: بين الشك فى السبب والشك فى الشرط فرق.
الشك فى الطهارة شك فى شرط والشك فى الطلاق شك فى سبب، اذ الطلاق سبب زوال العصمة.
والقاعدة كل مشكوك اجعله كالعدم.
يبقى البحث فيمن أيقن بالوضوء وشك فى الحدث.
وقال ابن العربى لو تيقن طهرا وحدثا وشك فى السابق منهما فلا نص لعلمائنا.
وجاء فى حاشية (١) الدسوقى: أنه ان شك من وجد بفرجه أو ثوبه أو فخذه شيئا من بلل أو أثر، أمذى هو أو منى وكان شكه فيهما مستويا وجب عليه الاغتسال احتياطا.
وان لم يكن الشك فيهما مستويا عمل بمقتضى الراجح منهما، كمن تيقن الطهارة وشك فى الحدث.
ولو وجد هذا الشخص الشئ الذى شك فيه هل هو منى أو مذى فى ثوبه واشتبه عليه
(١) حاشية الدسوقى والشرح الكبير ج ١ ص ١٣١، ١٣٢ وما بعدها الطبعة السابقة.