أعجب الامرين الى «رواه أبو داود والترمذى وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قال: وسألت محمدا عنه فقال:
هو حديث حسن.
وحكى ذلك عن أحمد أيضا.
وهو بظاهرة يثبت الحكم فى حق الناسية، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يستفصلها هل هى مبتدأة أو ناسية، ولو افترق الحال لاستفصل وسأل.
واحتمال أن تكون ناسية أكثر فان حمنة امرأة كبيرة كذلك قال أحمد ولم يسألها النبى صلّى الله عليه وسلّم عن تمييزها، لأنه قد جرى من كلامها من تكثير الدم وصفته ما أغنى عن السؤال عنه ولم يسألها هل لها عادة فيردها اليها، لاستغنائه عن ذلك لعلمه اياه اذ كان مشتهرا وقد أمر به أختها أم حبيبة، فلم يبق الا ان تكون ناسية ولأن لها حيضا لا تعلم قدره فيرد الى غالب عادات النساء كالمبتدأة ولانها لا عادة لها ولا تمييز فأشبهت المبتدأة وقولهم لها أيام معروفة قلنا قد زالت المعرفة فصار وجودها كالعدم وأما أمر أم حبيبة بالغسل لكل صلاة فانما هو ندب كأمره لحمنة فى هذا الخبر فان أم حبيبة كانت معتادة ردها الى عادتها وهى التى استفتت لها أم سلمة.
على أن حديث أم حبيبة انما روى عن الزهرى وأنكره الليث بن سعد فقال:
لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة أن تغتسل لكل صلاة، ولكنه شئ فعلته هى وقوله صلّى الله عليه وسلّم ستا أو سبعا فالظاهر أنه ردها الى اجتهادها ورأيها فيما يغلب على ظنها أنه أقرب الى عادتها أو عادة نسائها أو ما يكون أشبه بكونه حيضا ذكره القاضى فى بعض المواضع.
وذكر فى موضع آخر: أنه خيرها بين ست وسبع لا على طريق الاجتهاد كما خير واطئ الحائض بين التكفير بدينار أو نصف دينار بدليل أن حرف أو للتخيير والأول ان شاء الله أصح، لأنا لو جعلناها مخيرة أفضى الى تخييرها فى اليوم السابع بين أن تكون الصلاة عليها واجبة وبين كونها محرمة وليس اليها فى ذلك خيرة بحال، أما التكفير ففعل اختيارى يمكن التخيير بين اخراج دينار أو نصف دينار والواجب نصف دينار فى الحالين، لأن الواجب لا يتخير بين فعله وتركه، وقولهم: أن أو للتخيير قلنا: وقد يكون للاجتهاد كقول الله تعالى: «فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً» واما «كأو» فى وضعها وليس للامام فى الأسرى الا فعل ما يؤديه اليه اجتهاده أنه الأصلح.