للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى بدائع الصنائع (١): أنه يشترط‍ فى اباحة أكل الصيد كون الكلب معلما.

واختلف فى حد تعليم الكلب على أقاويل.

فروى بشر بن الوليد رحمه الله تعالى عن أبى يوسف قال: سألت أبا حنيفة رحمه الله تعالى: ما حد تعليم الكلب قال:

ان يقول أهل العلم بذلك أنه معلم.

وذكر الحسن بن زياد فى المجرد عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى: انه قال:

لا يأكل ما يصيد أولا ولا الثانى ولو أكل الثالث وما بعده.

وأبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قدراه بالثلاث فقالا: اذا أخذ صيدا فلم يأكل ثم صاد ثانيا فلم يأكل ثم صاد ثالثا فلم يأكل فهذا معلم.

قال صاحب البدائع (٢): ثم اذا صار الكلب معلما فى الظاهر على اختلاف الأقاويل وصاد به صاحبه ثم أكل بعد ذلك، فما صاد قبل ذلك لا يؤكل شئ منه ان كان باقيا فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى.

وذلك لأن علامة التعلم لما كانت ترك الأكل، فاذا أكل بعد ذلك علم أنه لم يكن معلما، وان امساكه لم يكن لصيرورته معاما بل لشبعه فى الحال اذ غير المعلم قد يمسكه بشبعه للحال الى وقت الحاجة، فاستدللنا بأكله بعد ذلك على أن امساكه فى الوقت الذى قبله كان على غير حقيقة التعليم، أو يحتمل ذلك فلا تحل مع الاحتمال احتياطا.

وعند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى: يؤكل كله، وذلك لأن أكل الكلب يحتمل أن يكون لعدم التعلم.

ويحتمل أن يكون مع التعلم لفرط‍ الجوع.

ويحتمل أن يكون للنسيان، لأن المعلم قد ينسى فلا يحرم ما تقدم من القيود بالشك والاحتمال.

ومن شروط‍ (٣): اباحة أكل الصيد أن يعلم أن تلف الصيد بارسال أو رمى هو سبب الحل من حيث الظاهر.

فان شاركهما معنى أو سبب يحتمل حصول التلف به والتلف به مما لا يفيد الحل لا يؤكل الا اذا كان ذلك المعنى مما لا يمكن الاحتراز عنه.

لأنه اذا احتمل حصول التلف بما لا يثبت به الحل فقد احتمل الحل والحرمة فيرجح جانب الحرمة احتياطا لانه أن أكل عسى أنه أكل الحرام ويأثم وان لم يأكل فلا شئ عليه والتحرز عن الضرر واجب عقلا وشرعا.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٥ ص ٥٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٥ ص ٥٣ الطبعة السابقة.
(٣) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لكاسانى ج ٥ ص ٥٨ الطبعة السابقة.