والاصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال لوابصة ابن معبد رضى الله تعالى عنه: الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات فدع ما يريبك الى ما لا يريبك.
وقال عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنهما: ما اجتمع الحلال والحرام فى شئ الا وقد غلب الحرام الحلال.
وعلى هذا يخرج ما اذا رمى صيدا وهو يطير فأصابه فسقط على جبل ثم سقط منه على الأرض فمات أنه لا يؤكل وهذا تفسير المتردى، لأنه يحتمل أنه مات من الرمى.
ويحتمل أنه مات بسقوطه عن الجبل وكذلك لو كان على جبل فأصابه فسقط منه شئ على الجبل ثم سقط على الأرض فمات.
أو كان على سطح فأصابه فهوى فأصاب حائط السطح، ثم سقط على الأرض فمات.
أو كان على نخلة أو شجرة فسقط منها على جذع النخلة.
أو ند من الشجرة ثم سقط على الأرض فمات أو وقع على رمح مركوز فى الأرض وفيه سنان فوقع على السنان ثم وقع على الارض فمات.
أو نشب فيه السنان فمات عليه.
أو أصاب سهمه صيدا فوقع فى الماء فمات فيه فانه لا يحل، لأنه يحتمل أنه مات بالرمى.
ويحتمل أنه مات بهذه الأسباب الموجودة بعده.
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ان وقع فى الماء فلا تأكله فلعل الماء قتله فقد بين النبى صلّى الله عليه وسلّم الحكم وعلل بما ذكرنا من احتمال موته بسبب آخر وهو وقوعه فى الماء والحكم المعلل بعلة يتعمم بعموم العلة.
ولو اجتمع على الصيد (١) معلم وغير معلم أو مسمى عليه وغير مسمى فانه لا يؤكل، لاجتماع سببى الحظر والاباحة ولم يعلم أيهما قتله.
ولو أرسل مسلم كلبه فاتبع الكلب كلب آخر غير معلم لكنه لم يرسله أحد، ولم يذكره بعد انبعاثه أو سبع من السباع أو ذو مخلب من الطير مما يجوز أن يعلم فيصاد به فرد الصيد عليه ونهشه أو فعل ما يكون معونة للكلب المرسل فأخذه الكلب المرسل وقتله فانه لا يؤكل - لأن رد الكلب ونهشه مشاركة فى الصيد فأشبه مشاركة المعلم والمسمى عليه غير المسمى عليه.
ومن الشروط أيضا أن يلحق المرسل أو الرامى الصيد أو من يقوم مقامه قبل التوارى عن عينه أو قبل انقطاع الكلب منه اذا لم يدرك ذبحه.
فان توارى عن عينه وقعد عن
(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٥ ص ٥٩ الطبعة السابقة.