للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدة الحمل قلت أو كثرت، حتى لو ولدت بعد وجوب العدة بيوم أو أقل أو أكثر انقضت به العدة، لكن يشترط‍ أن يكون ما وضعت قد استبان خلقه أو بعض خلقه.

فان لم يستبن رأسا بأن أسقطت علقة أو مضغة لم تنقض به العدة، لأنه اذا استبان خلقه أو بعض خلقه فهو ولد، فقد وجد وضع الحمل فتنقضى به العدة، واذا لم يستبن لم يعلم كونه ولدا، بل يحتمل أن يكون، ويحتمل أن لا يكون، فيقع الشك فى وضع الحمل فلا تنقضى العدة بالشك.

ولو مات مولى أم الولد (١) وزوجها ولم يعلم أيهما مات أولا ولم يعلم أيضا كم بين موتيهما فقد اختلف فى مقدار العدة عليها.

قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: عليها أربعة أشهر وعشر لا حيض فيها، لقول الله تعالى: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ٢».

وهذا تقدير لعدة الوفاة بأربعة أشهر وعشر، فلا يجوز الزيادة عليه الا بدليل، ولان الأصل فى كل أمرين حادثين لم يعلم تاريخ ما بينهما أن يحكم بوقوعهما معا كالغرقى والحرقى والهدمى.

واذا حكم بموت الزوج مع موت المولى فقد وجبت عليها العدة وهى حرة فكانت عدة الحرائر فلم يكن لايجاب الحيض محل فلا يمكن ايجابها.

وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى: عليها أربعة أشهر وعشر فيها ثلاث حيض.

لانه يحتمل أن الزوج مات أولا وانقضت العدة ثم مات المولى بعد انقضاء العدة فيجب عليها ثلاث حيض.

ويحتمل أن يكون المولى مات أولا فعتقت بموته ثم مات الزوج فيجب أربعة أشهر وعشر، فيراعى فيه الاحتياط‍، فيجمع بين الاربعة الاشهر والعشر والحيض.

وبناء على هذا الأصل قال أبو يوسف رحمه الله تعالى: اذا تزوج الرجل أم الولد بغير اذن مولاها، ودخل بها الزوج، ثم مات الزوج والمولى، ولا يعلم أيهما مات أولا، ولا كم بين موتيهما فعليها حيضتان فى قياس قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى لانه يحكم بموتهما معا.

وفى قول أبى يوسف: يجب عليها ثلاث حيض فى أربعة أشهر وعشر، بناء على أصله فى اعتبار الاحتياط‍، لانه يحتمل أن المولى مات أولا فنفذ النكاح لموته، لانها عتقت فجاز نكاحها بعتقها، ثم


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٣ ص ٢٠٣ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢٣٤ من سورة البقرة.