لما روى عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذا شك أحدكم فى صلاته فلم يدر أواحدة صلى أو اثنتين فليبن على واحدة، وان لم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا فليبن على اثنتين، وان لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين قبل أن يسلم فرد الى الأقل، ولان الأقل يقين والزيادة مشكوك فيها، فلا يزال اليقين بالشك.
والورع أن يلتزم الاكثر.
فان كان الشك فى الثلاث وما دونها طلقها ثلاثا حتى تحل لغيره بيقين.
وجاء فى مغنى المحتاج (١): أن الشك فى الطلاق على ثلاثة أقسام.
شك فى أصله.
وشك فى عدده.
وشك فى محله.
وهذا كمن طلق معينة ثم نسيها.
فاذا شك، أى تردد برجحان أو غيره فى وقوع طلاق منه، أو فى وجود الصفة المعلق بها كقوله: ان كان هذا الطائر غرابا فأنت طالق، وشك هل كان غرابا أو لا فلا نحكم بوقوعه.
قال المحاملى: بالاجماع، لان الأصل عدم الطلاق، وبقاء النكاح.
أو لم يشك فى طلاق بل تحقق وقوعه، ولكن شك فى عدد منه هل طلق طلقة أو أكثر، فالأقل يأخذ به.
ولا يخفى الورع فى الصورتين وهو الاخذ بالاسوأ لخبر: «دع ما يريبك الى ما لا يريبك» رواه الترمذى وصححه.
ففى الأولى يرجع ان كان له الرجعة، والا فيجدد نكاحها ان كان له فيها رغبة، والا فلينجز طلاقها لتحل لغيره يقينا.
وفى الثانية ان شك فى أنه طلق ثلاثا أم ثنتين لم ينكحها حتى تنكح زوجا غيره.
فلو شك هل طلق ثلاثا أو لم يطلق شيئا طلقها ثلاثا.
قال الرافعى لتحل لغيره يقينا.
وهذا ليس بظاهر، فانها تحل لغيره يقينا فى الصورة الثانية بأى شئ أوقعه ولو طلقة.
نعم فائدة ايقاع الثلاث أنه لو تزوجها بعد دخول الثانى بها وتطليقه اياها ملك عليها الثلاث بيقين.
ولو علق اثنان بنقيضين، كأن قال شخص ان كان هذا الطائر غرابا مثلا فأنت طالق، وقال آخر ان لم يكنه فامرأتى طالق، وجهل الحال فى الطائر،
(١) مغنى المحتاج الى معرفة معانى ألفاظ المنهاج للعلامة الخطيب الشربينى ج ٣ ص ٢٨١ وما بعدها الطبعة السابقة.