للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى المهذب (١): أنه ان ادعى رجل ملك عبد، فأقام عليه بينة، وادعى آخر انه باعه، أو أوقفه، أو أعتقه وأقام عليه بينة، قدم البيع والوقفا والعتق، لأن بينة الملك شهدت بالأصل، وبينة البيع والوقف والعتق شهدت بأمر حادث خفى على بينة الملك، فقدمت على بينة الملك ..

وان كان فى يد رجل عبد فادعى رجل انه ابتاعه، وأقام عليه بينة، وادعى العبد أن مولاه أعتقه وأقام عليه بينة، فان عرف السابق منهما بالتاريخ قضى بأسبق التصرفين، لأن السابق منهما يمنع صحة الثانى، فقدم عليه.

وان لم يعرف السابق منهما تعارضتا وفيهما قولان.

أحدهما: أنهما يسقطان ويرجع الى من فى يده العبد، وان كان كذبهما حلف لكل واحد منهما يمينا على الانفراد، وان صدق أحدهما قضى لمن صدقه.

والقول الثانى: أنهما يستعملان فيقرع بينهما فى أحد الأقوال.

فمن خرجت له القرعة قضى له.

ويقسم فى القول الثانى فيعتق نصفه ويحكم للمبتاع بنصف الثمن.

ولا يجئ القول بالوقف لأن العقود لا توقف.

واذا مات رجل (٢) وخلف ابنا مسلما وابنا نصرانيا وادعى كل واحد منهما أن أباه مات على دينه وأنه يرثه وأقام على ما يدعيه بينة.

فان عرف أنه كان نصرانيا نظرت.

فان كانت البينتان غير مؤرختين حكم ببينة الاسلام، لأن من شهد بالنصرانية شهد بالأصل، والذى شهد بالاسلام شهد بأمر حادث خفى على من شهد بالنصرانية، فقدمت شهادته، كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل.

فان شهدت احداهما بأنه مات، وآخر كلامه الاسلام، وشهدت الأخرى بأنه مات، وآخر كلامه النصرانية، فهما متعارضتان وفيهما قولان.

أحدهما: أنهما يسقطان فيكون كما لو مات ولا بينة فيكون القول قول النصرانى لأن الظاهر معه.

والثانى: أنهما يستعملان فان قلنا بالقرعة أقرع بينهما فمن خرجت له القرعة ورث.

وان قلنا بالوقف وقف وان قلنا بالقسمة ففيه وجهان.

أحدهما: انه يقسم كما يقسم فى غير الميراث.


(١) كتاب المهذب للامام أبى اسحاق ابراهيم ابن على بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى وبهامشه النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب ج ٢ ص ٣١٤ طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر مطبعة دار احياء الكتب العربية سنة ١٢٧٦ هـ‍.
(٢) المهذب لأبى اسحاق الفيروزابادى الشيرازى ج ٢ ص ٣١٥ الطبعة السابقة.