نعم لو كان ببيت وحده وعلم بذلك جاز له اعتماد صوته وان لم يره.
كذا لو علم اثنين ببيت لا ثالث لهما وسمعهما يتعاقدان، وعلم الموجب منهما من القابل لعلمه بمالك المبيع ونحو ذلك، فله الشهادة بما سمعه منهما.
ولا يقبل أعمى لانسداد طريق المعرفة مع اشتباه الأصوات وامكان التصنع فيها، ومثله من يدرك الاشخاص ولا يميزها وانما جاز له وط ء زوجته اعتمادا على صوتها، لكونه أخف، ولذا نص الشافعى على حل وطئها اعتمادا على لمس علامة يعرفها فيها وان لم يسمع صوتها، وعلى أن من زفت له زوجته أن يعتمد قول امرأة:
هذه زوجتك، ويطؤها.
بل ظاهر كلامهم جواز اعتماده على قرينة قوية أنها زوجته، وان لم يخبره أحد بذلك الا أن يقر انسان لمعروف الاسم والنسب فى أذنه بنحو مال، أو طلاق أولا فى أذنه، بأن تكون يده بيده وهو بصير حال الاقرار فيتعلق به، حتى يشهد عند قاض به على الصحيح، لحصول العلم بأنه المشهود عليه وان لم يكن فى خلوة.
وتقبل شهادته أيضا بالاستفاضة كالموت وغيره مما يأتى اذا لم يحتج الى تعيين واشارة، وكذا فى الترجمة أو مع وضع يده على ذكر بفرج فيمسكهما حتى يشهد عليهما بذلك عند قاض، لانه أبلغ من الرؤية وفيما اذا كان جالسا بفراش غيره، فيتعلق به حتى يشهد عليه والثانى المنع حسما للباب.
ولو حمل الشهادة بصير، ثم عمى شهد، ان كان المشهود له والمشهود عليه معروفى الاسم والنسب، فقال: أشهد أن فلان ابن فلان فعل كذا، أو أقربه، لانه فى هذا كالبصير، بخلاف ما اذا لم يعرف ذلك وما بحثه الأذرعى من قبول شهادته على زوجته حال خلوته بها وعلى بعضه اذا عرف خلوه به للقطع بصدقه حينئذ محل توقف.
والفرق بينه وبين ما مر فى قولنا (نعم لو علمه ببيت الى آخره) ظاهر فان البصير يعلم أنه ليس ثم من يشتبه به، بخلاف الأعمى، وان اختلى به.
ومن سمع قول شخص أو رأى فعله، فان عرف عينه واسمه ونسبه أى أباه وجده شهد عليه فى حضور اشارة اليه، ولا يكفى مجرد ذكر الاسم والنسب، وشهد عليه عند غيبته المجوزة للدعوى عليه وموته باسمه ونسبه معا، لحصول التمييز بهما دون أحدهما، أما لو لم يعرف اسم جده فيجزئه الاقتصار على ذكر اسمه ان عرفه القاضى بذلك، والا فلا، كما أفاده فى المطلب جامعا به بين كلامهم الظاهر التنافى.