للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى رواية كتاب الرهن: لا يجب الحد سواء ادعى الظن، أو لم يدع كما فى الجارية المشتركة، لأنه وطئ جارية انعقد له فيها سبب الملك، فلا يجب عليه الحد، اشتبه عليه، أو لم يشتبه، قياسا على ما لو وطئ جارية اشتراها على أن البائع بالخيار.

وانما قلنا انعقد له فيها سبب الملك، لأنه بالهلاك يصير مستوفيا حقه من وقت الرهن، واذا كان كذلك فقد انعقد له فيها سبب الملك فى الحال، ويحصل حقيقة الملك عند الهلاك.

وجاء فى الهداية وشروحها (١): أن من زفت اليه غير امرأته وقالت النساء أنها زوجتك فوطئها، فلا حد عليه، وعليه المهر.

وقضى بذلك على رضى الله تعالى عنه وبالعدة، ولأنه اعتمد دليلا وهو الاخبار فى موضع الاشتباه، اذ الانسان لا يميز بين امرأته وبين غيرها فى أول وهلة، فصار كالمغرور.

ولا يحد قاذفه الا فى رواية عن أبى يوسف رحمه الله تعالى، لأن الملك منعدم حقيقة.

ومن وجد امرأة على فراشه فوطئها فعليه الحد، لأنه لا اشتباه بعد طول الصحبة، فلم يكن الظن مستندا الى دليل، وهذا لأنه قد ينام على فراشها غيرها من المحارم التى فى بيتها.

وكذا اذا كان أعمى، لأنه يمكنه التمييز بالسؤال وغيره، الا اذا كان قد دعاها فأجابته أجنبية، وقالت: أنا زوجتك فواقعها، لأن الاخبار دليل، وجاز تشابه النغمة خصوصا اذا لم تطل الصحبة.

وجاء فى بدائع الصنائع (٢): أن الحد لا يجب مع الشبهة، فمع الاحتمال أولى.

فلو قال لامرأة يازانية، فقالت، زنيت معك، فلا حد على الرجل ولا على المرأة.

أما على الرجل، فلوجود التصديق منها اياه، وأما على المرأة فلأن قولها: زنيت معك يحتمل أن يكون المراد منه زنيت بك، ويحتمل أن يكون معناه زينت بحضرتك، فلا يجعل قذفا مع الاحتمال.

ولو قال لرجل انت تزنى فلا حد عليه، لأن هذا اللفظ‍ يستعمل للاستقبال، ويستعمل للحال فلا يجعل قذفا مع الاحتمال.

ولو قال لغيره (٣): ليس هذا أبوك، أو قال: لست أنت ابن فلان لأبيه، أو قال انت


(١) الهداية وشروحها ج ٤ ص ١٤٦، ص ١٤٧ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٧ ص ٤٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٧ ص ٤٤ الطبعة السابقة.