غير أن أبا يوسف رحمه الله تعالى يرى أن الوصية تكون بينهما نصفين.
أما محمد رحمه الله تعالى فيرى أن الخيار الى الوارث يعطى أيهما شاء، وذلك لأن الايجاب وقع صحيحا، لأن أحدهما وان كان مجهولا ولكن هذه جهالة تمكن ازالتها، الا ترى أن الموصى لو عين أحدهما حال حياته لتعين.
ثم ان محمدا يقول: أن الموصى لما مات عجز عن التعيين بنفسه فيقوم وارثه مقامه فى التعيين.
أما أبو يوسف فيقول: أنه لما مات الموصى قبل التعيين شاعت الوصية لهما وليس أحدهما بأولى من الآخر، كمن أعتق أحد عبديه، ثم مات قبل البيان، فان العتق يشيع فيهما جميعا، فيعتق من كل واحد منهما نصفه، كذا ها هنا، يكون لكل واحد منهما نصف الوصية.
أما أبو حنيفة (١) رحمه الله تعالى فان ذلك لا يصح عنده لأن الوصية تمليك عند الموت فاستدعى كون الموصى له معلوما عند الموت، بينما الموصى له هنا عند الموت مجهول، فلم تصح الوصية من الأصل، لما لو أوصى لواحد من الناس فلا يمكن القول بالشيوع، ولا يقام الوارث مقام الموصى فى البيان، لأن ذلك حكم الايجاب الصحيح، ولم يصح، الا أن الموصى لو بين الوصية فى أحدهما حال حياته صحت، لأن البيان انشاء الوصية لأحدهما، فكان وصية مستأنفة لأحدهما عينا، وأنها صحيحة.
ولو كان له عبدان فأوصى بأرفعهما لرجل وبأخسهما لآخر ثم مات الموصى ثم مات أحد العبدين، ولا يدرى أيهما هو فالوصية بطلت فى قول أبى حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى، سواء اجتمعا على أخذ الباقى، أو لم يجتمعا.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى:
ان اجتمعا على أخذ الباقى فهو بينهما نصفان، وان لم يجتمعا على أخذه فلا شئ لهما.
وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه بينهما نصفان سواء اجتمعا أو لم يجتمعا.
وعلى هذا يخرج الوصية لقوم لا يحصون أنها باطلة اذا لم يكن فى اللفظ ما ينبئ عن الحاجة، وان كان فيه ما ينبئ عن الحاجة فالوصية جائزة، لأنهم اذا كانوا لا يحصون، ولم يذكر فى اللفظ ما يدل على الحاجة وقعت الوصية تمليكا منهم، وهم مجهولون، والتمليك من المجهول جهالة لا يمكن ازالتها لا يصح.
(١) المرجع السابق للكاسانى ج ٧ ص ٣٤٢ الطبعة السابقة.