للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اختلف فى تفسير الاحصاء.

قال أبو يوسف: أن كانوا لا يحصون الا بكتاب أو حساب فهم لا يحصون.

وقال محمد: ان كانوا أكثر من مائة فهم لا يحصون.

وان كان فى اللفظ‍ (١) ما يدل على الحاجة كان وصيته بالصدقة وهى اخراج المال الى الله سبحانه وتعالى لواحد معلوم، فصحت الوصية.

ثم اذا صحت الوصية فالأفضل أن يعطى الثلث لمن يقرب اليه منهم.

فان جعله فى واحد فما زاد جاز عند أبى حنيفة وأبى يوسف.

وعند محمد لا يجوز الا أن يعطى اثنين منهم فصاعدا.

ولا يجوز أن يعطى واحدا الا نصف الوصية.

وبيان هذه الجملة فى مسائل.

اذا أوصى بثلث ماله للمسلمين لم تصح لأن المسلمين لا يحصون، وليس فى لفظ‍ المسلمين ما ينبئ عن الحاجة فوقعت الوصية تمليكا من مجهول، فلم تصح.

ولو أوصى لفقراء المسلمين أو المساكين صحت الوصية، لأنهم ان كانوا لا يحصون، لكن عندهم اسم الفقير والمسكين ينبئ عن الحاجة، فكانت الوصية لهم تقربا الى الله تبارك وتعالى طلبا لمرضاته لا لمرضاة الفقير.

وروى بشر عن أبى يوسف (٢) رحمه الله تعالى فى رجل أوصى بثلث ماله لرجل مسمى، وأخبر الموصى أن ثلث ماله ألف، أو قال هو هذا، فاذا ثلث ماله أكثر من ألف فان أبا حنيفة رحمه الله تعالى قال: ان له الثلث من جميع ماله، والتسمية التى سمى باطلة لا ينقض الوصية خطؤه فى ماله انما غلط‍ فى الحساب، ولا يكون رجوعا فى الوصية وهذا قول أبى يوسف، لأنه لما أوصى بثلث ماله فقد أتى بوصية صحيحة، لأن صحة الوصية لا تقف على بيان مقدار الموصى به، فوقعت الوصية صحيحة بدونه، ثم بين المقدار وغلط‍ فيه، والغلط‍ فى قدر الموصى به لا يقدح فى أصل الوصية، فبقيت الوصية متعلقة بثلث جميع المال، ولأنه يحتمل أن يكون هذا رجوعا عن الزيادة على القدر المذكور، ويحتمل أن يكون غلطا فوقع الشك فى بطلان الوصية، فلا تبطل مع الشك، على الأصل المعه د، أن الثابت بيقين لا يزول بالشك.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٧ ص ٣٤٣ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق للكاسانى ج ٧ ص ٣٨١ الطبعة السابقة.