اللبن ولد رضاع لمن لحقه ذلك الولد لأن اللبن تابع للولد.
فان مات الولد قبل الانتساب، أو بعده فيما اذا انتسب بعضهم لهذا وبعضهم لذاك، أو لم يكن له ولد ولا ولد ولد، انتسب الرضيع حينئذ.
أما قبل انقراض ولده وولد ولده، فليس له الانتساب، بل هو تابع للولد أو ولده، ولا يجبر على الانتساب بخلاف الولد وأولاده، فانهم يجبرون عليه، لضرورة النسب.
والفرق أن النسب يتعلق به حقوق له وعليه، كالميراث، والنفقة، والعتق بالملك، وسقوط القود، ورد الشهادة، فلابد من دفع الأشكال.
والمتعلق بالرضاع حرمة النكاح، وجواز النظر، والخلوة، وعدم نقض الطهارة، والامساك عنه سهل، فلم يجبر عليه الرضيع، ولا يعرض أيضا على القائف، ويفارق ولد النسب، بأن معظم اعتماد القائف على الاشباه، الظاهرة دون الأخلاق، وانما جاز انتسابه، لأن الانسان يميل الى من ارتضع من لبنه، ولا تنقطع نسبة اللبن عن صاحبه من زوج، أو غيره مات، أو زوج طلق وله اللبن، وان طالت المدة كعشر سنين.
وجاء فى المهذب (١): أنه ان تداعى نسب اللقيط رجلان، لم يجز الحاقه بهما، لأن الولد لا ينعقد من اثنين.
والدليل عليه قوله تعالى:«إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى»}.
فان لم يكن لواحد منهما بينة، عرض الولد على القافة، وهم قوم من بنى مدلج من كنانة، فان ألحقته باحدهما لحق به.
لما روت عائشة رضى الله تعالى عنها، قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم أعرف السرور فى وجهه، فقال: ألم ترى الى مجزز المدلجى نظر الى أسامة وزيد، وقد غطيا رءوسهما وقد بدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فلو لم يكن ذلك حقا، لما سر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهل يجوز أن يكون من غير بنى مدلج؟ فيه وجهان.
أحدهما: لا يجوز، لأن ذلك ثبت بالشرع، ولم يرد الشرع الا فى بنى مدلج.
(١) من كتاب المهذب لأبى اسحاق ابراهيم الفيروزابادى الشيرازى ج ١ ص ٤٣٧ طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وأولاده بمصر.