للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثانى عليه القصاص، وهو قول أبى بكر الخلال.

وروى عن أحمد أنه قال: اذا جرحه رجل ثم جرح الرجل نفسه فمات فعلى شريكه القصاص، لأنه قتل عمد متحمض فوجب القصاص على الشريك فيه كشريك الأب.

فأما ان جرح الرجل نفسه خطأ كأنه أراد ضرب جارحه فأصاب نفسه أو خاط‍ جرحه فصادف اللحم الحى، فلا قصاص على شريكه فى أصح الوجهين.

وفيه وجه آخر أن عليه القصاص بناء على الروايتين فى شريك الخاطئ (١).

واذا جنى عليه اثنان جنايتين: فان كانت الأولى أخرجته من حكم الحياة كأن قطع أحشاءه أو ذبحه ثم ضرب الثانى عنقه فالأول هو القاتل، لأنه لا يبقى مع جنايته حياة فالقود عليه خاصة، وعلى الثانى التعزير، كما لو جنى على ميت.

وان كان جرح الأول يجوز بقاء الحياة معه كأن شق البطن من غير ابانة الأحشاء، أو قطع طرفا، ثم ضرب الآخر عنقه، فالثانى هو القاتل، لأن الأول لم يخرجه من حكم الحياة، فيكون الثانى هو المفوت لها، فعليه القصاص فى النفس، والدية كاملة ان عفا الولى عنه.

أما جرح الأول فان كان موجبا للقصاص كقطع الطرف فالولى مخير بين قطع طرفه والعفو عن ديته مطلقا.

وان كان لا يوجب القصاص كالجائفة ونحوها فعليه الأرش.

وانما كان عليه القصاص لأن فعل الثانى قطع سراية جراحه فصار كالمندمل الذى لا يسرى.

وان كان جرح الأول يفضى الى الموت لا محالة الا أنه لا يخرج به من حكم الحياة وتبقى معه الحياة المستقرة، مثل خرق المعى أو أم الدماغ فضرب الثانى عنقه فالقاتل هو الثانى، لأنه فوت حياة مستقرة وقتل من هو فى حكم الحياة .. كما لو قتل عليلا لا يرجى برؤه (٢).

واذا ألقى رجلا من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقتله فالقصاص على من قتله، لأنه فوت حياته قبل المصير الى حال ييأس فيها من حياته، فأشبه ما لو رماه انسان بسهم قاتل فقطع آخر عنقه قبل وقوع السهم به أو ألقى عليه صخرة فأطار انسان رأسه بالسيف قبل وقوعها عليه (٣).


(١) المرجع السابق ص ٣٨٠ - ٣٨١.
(٢) المرجع السابق ج ٩ ص ٣٨٤ - ٣٨٥.
(٣) المرجع السابق ص ٣٨٥.