ولو كان قادرا على التصرف وهو أمين فيه ليس للقاضى أن يخرجه، لأنه مختار الميت ولو اختار غيره كان دونه فكان ابقاؤه أولى ألا ترى أنه قدم على أب الميت مع وفور شفقته فأولى أن يقدم على غيره.
وكذا اذا شكا الورثة أو بعضهم الوصى اليه لا ينبغى له أن يعز له حتى تبدو له منه خيانة، لأنه استفاد الولاية من الميت.
غير أنه اذا ظهرت الخيانة فاتت الأمانة والميت انما اختاره وليس من النظر ابقاؤه بعد فواتها، ولو كان حيا لأخرجه منها، فينوب القاضى منابه عند عجزه، ويقيم غيره مقامه، كأنه مات ولا وصى له.
واذا أوصى الى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف فى مال الميت.
فان تصرف فيه فهو باطل وهذا عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى:
ينفرد كل واحد منهما بالتصرف.
ثم قيل: الخلاف فيما اذا أوصى الى كل واحد منهما بعقد.
وأما اذا أوصى اليهما معا أو أوصى اليهما بعقد على حدة.
ومحل الخلاف اذا كان ذلك فى عقدين.
وأما اذا كان فى عقد واحد فلا ينفرد أحدهما بالاجماع كذا ذكره الكيسانى.
وقيل: الخلاف فى الفصلين جميعا ذكره أبو بكر الاسكاف.
وقال فى المبسوط وهو الأصح، ولا يخفى أن المراد من البطلان التوقف على اجازة الآخر أو رده بخلاف الوكيلين اذا وكلهما متفرقا حيث ينفرد كل واحد منهما بالتصرف بالاجماع.
والفرق ان ضم الثانى فى الايصاء دليل على عجز الأول عن المباشرة وحده، وهذا لأن ضم الايصاء الى الثانى يقصد به الاشتراك مع الأول، وهو يملك الرجوع عن الوصية للأول، فيملك اشتراك الثانى معه، وقد يوصى الانسان الى غيره على أنه يتمكن من اتمام مقصوده وحده، ثم يتبين له عجزه عن ذلك فيضم اليه غيره فصار بمنزلة الايصاء اليهما معا ولا كذلك الوكالة.
وبطلان تصرف أحد الوصيين على (١) الخلاف الذى مر انما يكون فى غير التجهيز وشراء الكفن، لأن فى التأخير فساد الميت ولهذا يملكه الجيران أيضا فى الحضر ويملكه الرفقة فى السفر.
(١) المرجع السابق للشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم ج ٨ ص ٥٢٦ الطبعة السابقة.