وكذلك لا يبطل تصرف أحد الوصيين لحاجة الصغار والاتهاب لهم، لأنه يخاف هلاكهم من الجوع والعرى، وانفراد أحدهما بذلك خير، ولهذا يملكه كل من هو فى يده.
ومثل ذلك أيضا رد وديعة عين وقضاء دين، لأن ذلك ليس من باب الولاية، وانما هو من باب الاعانة، ألا ترى أن صاحب الحق يملكه اذا ظفر به، بخلاف اقتضاء دين الميت، لأنه رضى بأمانتهما جميعا فى القبض، ولأن فيه معنى المبادلة، وعند اختلاف الجنس حقيقة المبادلة ورد المغصوب ورد المبيع فى البيع الفاسد من هذا القبيل، وكذا حفظ المال فلذلك ينفرد به احدهما دون صاحبه.
وما استثناه القدورى فى مختصرة بقوله الا فى شراء الكفن للميت وتجهيزه، وطعام الصغار وكسوتهم، ورد وديعة بعينها، وقضاء دين، وتنفيذ وصية بعينها، وعتق عبد بعينه، والخصومة فى حقوق الميت، فهذه تسعة أشياء كما ترى قصر القدورى الاستثناء عليها فى مختصره.
واقتفى أثره صاحب الهداية وزاد فيها عنى ذلك أشياء بقوله: ورد المغصوب والمشترى شراء فاسدا وحفظ الأموال وقبول الهبة وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف وجميع الأموال الضائعة، وهذه التى زادها فى الهداية على ما فى الكتاب ستة أشياء فيصير مجموع الأشياء المعدودة خمسة عشر.
ثم قال فى البحر: ولو مات أحد الوصيين جعل القاضى مكانه وصيا آخر.
أما عندهما فظاهر، لأن الباقى منهما عاجز عن الانفراد بالتصرف فيضم القاضى اليه وصيا ينظر الى الميت عند عجز الميت.
وأما عند أبى يوسف فلأن الحى منهما وان كان يقدر على التصرف فالموصى قدر أن يجعل وصيين يتصرفان، وذلك ممكن لتحقيق نصب وصى آخر مكان الأول.
وجاء فى الدر المختار: وحاشية ابن عابدين (١) عليه: أنه لو قال الموصى: ما لى بين زيد وعمرو وعمرو ميت فلزيد نصفه، لأن كلمة بين توجب التنصيف.
قال ابن عابدين الظاهر أن هذا اذا دخلت على مفردين كما هنا أما لو دخلت على ثلاثة كقوله بين زيد وعمرو وبكر فانها توجب القسمة على عددهم.
وعلى هذا فاذا قال بين زيد وسكت فانما تتصف، لأن أقل الشركة بين اثنين ولا نهاية لما فوقهما.
وأما اذا دخلت على جمعين ففى المعراج
(١) الدر المختار شرح تنوير الأبصار على رد المحتار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج ٥ ص ٤٤٥ الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية سنة ١٣٢٥ هـ.