للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمعنى أنه يشترط‍ فى الوقف الاقباض: أى اقباض الواقف الملك للموقوف عليه، وتسليطه عليه، ورفع يده عن الملك الموقوف عليه، وقد يغاير الاقباض الاذن فى القبض - مقصوده رحمة الله تعالى أن القبض مع الاذن يغاير الاقباض، لأنه قد يأذن الواقف فى القبض لكنه لم يسلمه اليه فيقبضه الموقوف عليه من الخارج، فقد جعل القبض عن اذن الواقف من دون اقباض، وقد يحصل الاقباض والتسليم وهو تسليط‍ الواقف الموقوف عليه على الوقف واخراجه عن يده ويلزمه الاذن فى القبض - الذى اعتبر سابقا بأن يأذن فيه، ولا يرفع يده عنه، واخراجه عن نفسه، فلو وقف على نفسه بطل وان عقبه بما يصح الوقف عليه، لأنه حينئذ منقطع الأول، وقد عرفت أن الوقف على منقطع الأول باطل، لتنزيله منزلة المعدوم.

وكذا لو شرط‍ لنفسه الخيار فى نقضه متى شاء أو فى مدة معينة - أى يبطل الوقف فى الصورتين - نعم لو وقفه على قبيل هو منهم ابتداء أو صار منهم شارك، كما لو وقف ملكا على طلبة العلم، ولم يكن هو منهم حال الوقف، ثم صار منهم فحينئذ يشاركهم فى الوقف - أو شرط‍ عوده اليه عند الحاجة، فالمروى والمشهور اتباع شرطه - أى رجوع الوقف اليه عند الحاجة يتبع شرطه فاذا شرط‍ الرجوع اليه عند الحاجة رجع اليه -، ويعتبر حينئذ عود الوقف اليه عند الحاجة قصور ماله عن مؤنة سنة فيعود عندها، ويورث الوقف عن الواقف ويكون ارثا عنه لو مات وان كان موته قبل الحاجة.

ولو شرط‍ أكل أهله منه صح الشرط‍، كما فعل النبى صلّى الله عليه وآله وسلّم بوقفه وكذلك فاطمة عليها السّلام، ولا يقدح كونهم واجبى النفقة فتسقط‍ نفقتهم، ان اكتفوا بالوقف هذا اذا كان واجبو النفقة غير زوجته، وأما هى فلا تسقط‍ نفقتها عن الزوج وان اكتفت بالوقف.

ولو وقف على نفسه وغيره صح فى نصفه على الأقوى ان اتحد، وان تعدد فبحسبه ان كان الموقوف عليهم مع الواقف خمسا مثلا، فيصح الوقف فى أربعة أخماسه، ويبطل خمسه وهكذا، فلو كانوا جمعا كالفقراء بطل فى ربعه، لأن أقل الجمع ثلاثة فيخرج من أهل الوقف ثلاثة سهام، ويبقى سهم واحد، وهو المعبر عنه بالربع فيبطل بالنسبة اليه، ويصح فى الباقى ويحتمل النصف، لأن المفروض أن الجماعة بمنزلة الواحد وهو واحد أيضا فالمجموع نصفان نصف للفقراء ونصف له، فالوقف بالنسبة الى الفقراء صحيح وبالنسبة اليه باطل، والبطلان رأسا أى لا يصح الوقف لا عليه ولا على الفقراء.

وجاء فى موضع آخر من اللمعة (١): أنه إذا وقف على أولاده اشترك أولاد البنين


(١) المرجع السابق لابن جمال الدين مكى العاملى ج ٣ ص ١٨٤ الطبعة السابقة.