للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل يأخذ من مال اليتيم عند الحاجة ما يسد الجوعة ويستر العورة ولا يقضى اذا أيسر.

وقيل: من كان غنيا فليستغن بغناه، ومن كان فقيرا فليأكل من مال نفسه بالمعروف، حتى لا ينفذ ماله ويحتاج الى مال اليتيم.

«وقيل غير ذلك كله».

ويرى الجصاص أنه لا يحل للأوصياء أخذ شئ من أموال اليتامى مطلقا، وأن المراد بالأكل بالمعروف الأكل من مال نفسه بقدر حتى لا يحتاج الى مال اليتيم جمعا بين الآية والآيات المحكمة التى تنهى عن أكل أموال اليتامى وأكل أموال الغير بغير حق بالباطل وقوله تعالى:

{فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً»}.

قال أبو بكر: ان الايات التى تقدم ذكرها فى أمر الأيتام تدل على أن سبيل الأيتام أن يلى عليهم غيرهم فى حفظ‍ أموالهم والتصرف عليهم فيها فيما يعود نفعه اليهم وهم: وصى الأب أو الجد ان لم يكن وصى أب. أو وصى الجد ان لم يكن أحد من هؤلاء. أو أمين حاكم عدل بعد أن يكون الأمين أيضا عدلا.

وكذلك شرط‍ الأوصياء والجد والأب وكل من يتصرف على الصغير لا يستحق الولاية عليه الا أن يكون عدلا مأمونا.

فأما الفاسق والمتهم من الآباء والمرتشى من الحكام والأوصياء والأمناء غير المأمونين. فان واحدا من هؤلاء غير جائز له التصرف على الصغير.

ولا خلاف فى ذلك نعلمه .. ألا ترى أنه لا خلاف بين المسلمين فى أن القاضى اذا فسق بأخذ الرشوة أو بالميل الى الهوى وترك الحكم بالحق أنه يكون معزولا غير جائز الحكم. فكذلك حكم الله فيمن ائتمنه على أموال الأيتام من قاض أو وصى أو أمين أو حاكم فغير جائز ثبوت ولايته فى ذلك الا على شرط‍ العدالة وصحة الأمانة.

وقد أمر الله تعالى أولياء الأيتام بالاشهاد عليهم بعد البلوغ بما يدفعون اليهم من أموالهم وفى ذلك ضروب من الأحكام.

أحدها: الاحتياط‍ لكل واحد من اليتيم ووالى ماله.

فأما اليتيم فلأنه اذا قامت عليه البينة بقبض المال كان أبعد من أن يدعى ما ليس له.

وأما الوصى فلأن يبطل دعوى اليتيم بأنه لم يدفع المال اليه.