للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أى كفى بالله حاسبا لأعمالكم ومجازيا عليها وفى هذا وعيد لكل جاحد حق.

وجاء فى تفسير أحكام القرآن لأبى بكر الجصاص الحنفى لهذه الآية ما يأتى:

قوله تعالى: «وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} (١)» يرى الجصاص أن الابتلاء يكون باذن الصغير الذى قارب البلوغ بالتجارة فى جزء من ماله، ليتدرب على التصرف فى المال، ويتعرف أمور التجارة وأحوال التجار، وطرق الكسب، فيتبعها، وطرق الخسارة فيتجنبها، فاذا بلغ وثبت رشده بحسن التصرف فى المال وتتميته دفع اليه المال وألا أبقاه عنده حتى يؤنس منه الرشد.

واستدل بما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن أبى سلمة وهو صغير بتزويج أمه أم سلمة اياه.

وفى رواية أنه أمر سلمة بن أبى سلمة وهو صغير بذلك.

وفى هذا دليل على جواز اذن الصغير بالتصرف الذى يملكه عليه غيره من بيع أو شراء.

وأما تأويل الابتلاء على معنى الاختبار فى عقولهم ودينهم فليس بشئ، لأن اعتبار الدين فى دفع المال غير واجب باتفاق الفقهاء، اذ لو كان رجلا فاسقا ضابطا لأموره عالما بالتصرف فى وجوه التجارات لم يجز أن يمنع ماله لأجل فسقه.

فعلمنا أن اعتبار الدين غير واجب. وان كان رجلا ذا دين وصلاح الا أنه غير ضابط‍ لماله يغبن فى تصرفه كان ممنوعا من ماله عند القائلين بالحجر لضعف العقل فعلمنا أن اعتبار الدين فى ذلك لا معنى له.

والبلوغ يكون بالاحتلام أى بلوغ الحلم.

وايناس الرشد يكون بالعقل وحسن التصرف فى المال.

وقوله تعالى: «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» يقتضى وجوب دفع المال اليهم بعد البلوغ وايناس الرشد.

قوله تعالى: «وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ»}.

اختلف السلف فى تأويله.

فقيل: ان المحتاج من الأوصياء يأكل من مال اليتيم بالمعروف أى نظير عمله فيه ولا يأخذ شيئا من عين المال.

وقيل: ان استغنى استعفف وان احتاج أكل فى حدود الحاجة وقضى أن أيسر.


(١) الآية رقم ٦ من سورة النساء.